أحيانا يتدخل المعطى البشري ليصبح أكثر قسوة على الإنسان من الطبيعة ،لا يمكن لأحد أن يتجاهل دور الحروب والفتن والاضطرابات في تغيير معالم المدن بل واندثارها، وإن كانت كلمة تخريب هي أكثر استعمالا وتداولا. فتأثير الحروب يفوق أحيانا ما تحدثه الكوارث الطبيعية، اقتصاديا واجتماعيا وعمرانيا. خاصة أن الدولة الوسيطية كانت دولة عسكرية بامتياز،حيث أولت جل اهتمامها لقضايا الجهاد داخليا وخارجيا ضد الخصوم والمتنافسين[1]، وخاصة الفترة المتأخرة ضمن حياة الدول والتي تتميز في الغالب بظهور عصبية منافسة مطالبة بالحكم .
في الواقع كانت الثورات وما تلاها من تحركات للقضاء عليها أزمات حقيقية بما كان يترتب عنها عادة من قتل وتدمير وإحراق المحاصيل الزراعية، وتخريب للمدن والقرى واختلال التوازن الاجتماعي بالهجرات والخراب، وتعطيل الحركة التجارية ،بانتشار الخوف في الطرق،وقد تزداد آثارها سوءا إذا رافقتها أو تلتها مجاعات و أوبئة أو هما معا.