عاش الكاتبان العظيمان ليف تولستوي وفيودور دوستويفسكي في عصر واحد، وينتميان الى جيل أدبي واحد تقريبا، فقد ولد تولستوي في عام 1828، وولد دوستويفسكي في عام 1821، وتزامن نشاطهما الادبي ما يقرب من ثلاثة عقود، وكان لديهما العديد من الأصدقاء المشتركين ( نيكراسوف،تورغينيف، اوستروفسكي، غونشاروف، ستراخوف ).وكان من المنطقي أن يلتقيا ذات يوم في حياتهما، ولكن هذا لم يحدث قط، ويبدو أن كلا منهما كان يتوق الى لقاء الآخر، وفي الوقت نفسه يتوجس خيفة من ان يتحول اللقاء المرتقب الى صدام.
.كان تولستوي يقيم معظم الوقت في ضيعته المسماة " ياسنايا بولينا " الواقعة جنوب موسكو، واحياناً في منزله الموسكوي. أما ودوستويفسكي فقد كان يقيم في بطرسبورغ، أو في خارج البلاد. ولكن تولستوي كان يتردد أحيانا على بطرسبورغ لبعض أشغاله. كما كان العديد من الأدباء الروس يزورون تولستوي في ضيعته أو في منزله الموسكوي. فكيف لم يخطر ببال أحد الأصدقاء المشتركين ان يجمع بين اشهر كاتبين معاصرين !. أو ان يبادر احدهما لزيارة الآخر للوقوف على آرائه في الأدب والفن والحياة. لكم كان ذلك - كما يبدو ظاهرياً - جميلاً وعظيما ً. كلا لم يتقابلا على الإطلاق، على الرغم من سنوح الفرصة لذلك أكثر من مرة.
نحو وعي بالخلل: قراءة في المجموعة القصصية "كالعزف على القيثارة" – د.المصطفى سلام
تقديم
يعتبر الكاتب المغربي حسن البقالي من الكتاب الذين مارسوا الكتابة السردية وأسس تقاليد في الكتابة تميزه عن المجايلين له من الكتاب، والذي يؤكد هذا التصور، الوقوف عند منجزه الإبداعي عامة والسردي خاصة [1] . وطبعا، هناك أعمال أخرى، ويستحق هذا المنجز السردي، الذي اختبر فيه الكاتب تقنيات الكتابة السردية على مستوى الرواية والقصة الطويلة ثم المتوسطة وأخيرا القصة القصيرة جدا، الدراسة والتحليل من أجل استجلاء رؤية الكاتب للواقع المغربي خاصة والعربي عامة ثم رصد رؤيته أيضا لقضايا الإبداع المغربي مثل وظيفة الأدب وتطور الاجناس الأدبية و الخصوصية المغربية في هذا الإبداع ودرجات التأثر والتأثير التي مارسها هذا الإنتاج الفني سواء في المتلقي العربي أم المغربي. ومثل هذه الدراسات والأعمال تشكل في حد ذاتها اعترافا معنويا بالأديب المغربي بغض النظر عن المجال الإبداعي الذي ينتج فيه وعبره الدلائل ويتناول القضايا ويرصد التحولات.
في هذا السياق، سأقف عند مجموعته القصصية: كالعزف على القيثارة[2].
الأدب و الشاشة - ذ. رشيد سكري
واثقا، يعمل الأدب في بناء ذوق الأمة. فبقدر ما نتحدث عن الحضارة والبناء الحضاري، بقدر ما يستوجب تربية الشعور و الإحساس بالمسؤولية الفردية و الجماعية. فعندما نلاحظ ما وصلت إليه السينما و المسلسلات التلفزيونية في الشقيقة مصر المحروسة، فإننا ندرك حجم الدور الذي يلعبه الإبداع الروائي و القصصي و المسرحي في تربية المشاهد على الإمتاع الفني و الأخلاقي و القيمي أيضا. فمن هذا المنطلق، يعزى نجاح السينما المصرية بالخصوص، إلى نقل معظم الأعمال الروائية لكبار المبدعين إلى السينما. وكان لنجيب محفوظ، في ذلك، حصة الأسد ؛ انطلاقا من روايته " بداية ونهاية " إلى جانب " اللص والكلاب " مع سعيد مهران، وصولا إلى " ميرامار " و " خان الخليلي " و " قصر الشوق " ؛ لينضاف عشاق السينما إلى عشاق الرواية، فأصبح اسم نجيب محفوظ يحلق عاليا، كعـُقاب كاسر، في سماء مصر والعالم العربي.
ماذا حدث للأدب الروسي المعاصر؟ - جودت هوشيار
ألغيت الرقابة على المطبوعات في روسيا منذ حوالي ثلاثين عاما. وكان المتوقع أن يشهد هذا الأدب ازدهارا حقيقيا في أجواء الحرية والليبرالية، ولكن حدث العكس تماماً. حيث قلّ عدد القراء بشكل حاد، وعانت المجلات الأدبية (السميكة) المرموقة من انخفاض شديد في مبيعاتها، ولم تعد الأعمال الأدبية تنشر بعشرات أو مئات آلاف النسخ، كما كان الأمر في الحقبة السوفيتية، بل بعدة آلاف من النسخ في أفضل الأحوال .فما الذي حدث ؟
يقول البعض ان السبب يعود الى شيوع الأنترنيت، ووسائل الترفيه الجديدة . وهذا صحيح الى حد كبير . ولكني أعتقد أن السبب الرئيسي يكمن في إلغاء دور النشر الحكومية الرصينة، وإنشاء دور النشر الخاصة التجارية في روسيا، والتي باتت تتحكم بكل ما يتعلق بطباعة الكتب ونشرها وتوزيعها وإشهارها. ولم تعد تنشر الا الكتب الرائجة تجاريا، وهي في معظمها كتب خفيفة لا تتسم بقيمة فكرية وفنية كبيرة، وتنتمي الى أدب الرعب والجريمة أو المغامرات، أو الروايات النسائية لتسلية ربات البيوت، او روايات الحب الرخيص ، التي تجد اقبالا من المراهقات . كتب تُقرأ مرة واحدة لقضاء الوقت ثم تُرمى غالبا في حاويات القمامة .
غرائبية الواقع والمتخيل في الرواية العربية المعاصرة: فرانكشتاين في بغداد وضريح أبي - ذ. مروان الخريبي
نزع بعض الكتاب العرب إلى تحديث الرواية العربية وتجديدها بتكسير القواعد الفنية والتأسيس لصيغ مبتكرة تقوم على هدم بنية الحكاية وتفتيت معناها، وذلك من خلال تدمير المبنى التقليدي للمحكي وتحريره من قيود الكلاسيكية القديمة، حيث صار "العجائبي بؤرة الخيال الخلاق الذي يجمع مخترقا حدود المعقول والمنطقي والتاريخي والواقعي، ومخضعا كل ما في الوجود من الطبيعي إلى الماورائي لقوة واحدة فقط، هي قوة الخيال المبدع المبتكر"[1] الذي يحول الوجود بإحساس مطلق بالحرية فيشكل العالم كما يشاء ويصوغ ما يشاء غير خاضع لشهواته ومتطلبانه".
حين نعود إلى القواميس العربية لتحديد مفهوم الرواية، نجد أن اللفظة تدل على نقل الماء وأخذه، كما تدل على نقل الخبر واستظهار، فقد ورد في لسان العرب: روي من الماء بالكسر، ومن اللبن يروي ريا، والرواية أيضا البعير أو البغل أو الحمار، يسقى عليه الماء، والرجل المستقي أيضا رواية. ويقال" روى فلان فلانا شعرا، إذ رواه له متى حفظه للرواية عنه".[2] فالمدلولات المشتركة للرواية تفيد في مجموعها عملية الانتقال والجريان والارتواء المادي أو الروحي...
نحو مجتمع المعرفة: واقع القراءة في المغرب – د.مصطفى الغرافي
ما من شك أن مقاربة واقع القراءة بطريقة فعالة وناجعة أمر غير ممكن ولا متيسر ما دمنا لا نتوفر في المغرب على معطيات تفصيلية تلخص نتائج الدراسات الميدانية التي تقوم بها مراكز بحثية متخصصة تتيح تشخيص الوضع القرائي بشكل موضوعي ودقيق، لكن ذلك لا يمنعنا من القول إن واقع القراءة في المغرب لا يبعث حاليا على الارتياح، حيث ترتفع أصوات عديدة معلنة تذمرها من واقع ثقافي تهيمن عليه مظاهر التأخر والتراجع. ويمكن تلخيص أزمة الثقافة المغربية، في الوقت الراهن، في تزايد العرض وضعف المقروئية، حيث صار المعروض من النصوص أكثر من المقروء. وهو ما جعل المتابعين لظاهرة الإنتاج النصي، في الوقت الحالي، يطلقون على هذا الوضع مصطلحا دالا هو "استنزاف الخطاب". فما هي علاقة القراءة بالتنمية؟ وكيف تساعد القراءة على تحقيق مجتمع المعرفة؟.
النــزعة الإنسانية في الأدب المهجري(1) - إبراهيم مشارة
حظي الأدب المهجري بعناية الدارسين ونقاد الأدب ومازال كذلك، ولهذا الأدب محبوه ومتذوقوه ، فقد كان فتحا في أدبنا الحديث، فتح عيوننا على مباهج الحياة،وروعة المغامرة وإغراء الحرية ، بعد أن ظل أدبنا أحقابا طويلة نائما في مغارة التاريخ مغمضا عينيه على مستجدات الحياة مكتفيا بالاجترار من الكتب القديمة ، وكد الذهن لا في توليد المعاني البكر، بل في تنميق الكلام والولوع بالأسجاع واللهاث وراء التورية وفي مباركة الأوضاع القائمة وهي أوضاع مزرية تميزت بالركود الاجتماعي والتأسن الثقافي والاستبداد السياسي وكانت غاية الأدب أن يصل إلى البلاط مسبحا بحمد الحاكم آناء الليل وأطراف النهار لتحقيق مآرب شخصية مضحيا بمصلحة الجماعة لحساب المصلحة الشخصية .
التطور الإبداعي في مسرحيات شوقي الحمداني - عبد النبي بزاز
يضيف المؤلف المسرحي شوقي الحمداني ل " ريبرتواره" المسرحي مؤلفا جديدا يجمع بين دفتيه ثلاث أعمال مسرحية هي: " ما كاينش فيها لمزاح"، و" حسي مسي "، و" أحسن ليك" وقد اختار كتابتها باللغة الدارجة تماشيا مع نهج يزاوج فيه بين التأليف بالفصحى والدارجة حسب ما تقتضيه رؤيته الإبداعية، وما تمليه خلفيات وأبعاد العمل المسرحي، وطبيعة موضوعه، ونوعية غاياته ومراميه.
وقد وفق الكاتب، بشكل لافت وجلي، في إعادة صياغة وكتابة مسرحية " ما كاينش فيها لمزاح" من الفصحى بتغيير عنوانها من " هي نجية" في إصدار سابق إلى الدارجة في منجزه الحالي مؤكدا مقدراته اللغوية والإبداعية في المزاوجة بين الفصحى والدارجة في أعماله المسرحية في صياغة لا يشوبها أي إسفاف أو قصور.