يقول أحد الشعراء
إنما دنياي نفسي...
فإذا هلكت نفسي
فلا عاش أحدْ
ليت أن الشمس بعدي غربتْ
ثم لم تشرق على أهل بلدْ
يطرح الوجود إشكالا أنطولوجيا أصيلا على الذات المتكلمة والتي تفتقد لفعل الوجود والكينونة، خلو يمنع الذات المتكلمة من ترسيخ وجودها في العالم، كإمكانية للتحقق التام والكامل لفرادتها.
إنها بهذا، لا تمنح الإنسان السكن الأليف داخل مسكن الوجود، ولا تمده بفيء ظليل يستريح تحته، فيبقى هائما على وجهه في الصحراء، مكشوفا لهجير شمس حارقة تلفحه طوال العمر.
تعدد وتنوع طرائق البحث والإبداع في مؤلف "الزربية" ليزيد ألعطو - عبد النبي بزاز
أبى الفنان المجدد ، والباحث المبدع يزيد ألعطو إلا أن يغني " ريبرطاوره" الموزع بين التشكيل والنحت بمنجز ورقي مكتوب، هو ثمرة تجربة تراكمت وقائعها، واختمرت أفكارها وتصوراتها ، ونضجت رؤاها وتمثلاتها، موسوم ب " الزربية ذاكرة موزونى والصوف" يجمع ،في توليفة من أحداث تاريخية ، وأعراف اجتماعية ، ومعالم حضارية وثقافية... مؤلفا يتجاور فيه النفس السردي بنهج بحث وتنقيب لا يخلو من سمة الانتقاء والتمحيص المتوسل بعدة قوامها الاجتهاد والاستقصاء والتحري :" كل المعلومات المتوفرة في هذا الكتاب هي عبارة عن ذاكرة خاصة وبحث مستخلص من تجربة ميدانية" ص: 3 فضلا عن لمسة الفنان التشكيلي ، وحذق وأناة النحات التي يقارب بها رموز " الزربية" : "إلقيظن" : " وهي مجموعة من العلامات المعروفة بتصاميمها المتميزة. وتتمتع بلغة فريدة تجسد قوة مبدعيها و(جنوح) خيالهم في مجال الإبداع" ص:30.
فلسفة اللغة عند القدماء - جعفر لعزيز
مقدمة:
إن المأثور لدينا في موقف البحث عن أصل اللغة، خلق إشكالا كبيرا منذ البدايات الأولى في فلسفة اللغة مع محاورة كراتيلوس، التي تناولت مسائل رئيسة حول اللغة بوصفها ظاهرة اجتماعية مرتبطة بالفكر والمنطق من جهة، وبالواقع والتاريخ والقصدية من جهة أخرى، ذهبت بالفلاسفة مذاهب عديدة، كان فيها بون شاسع في حسم قضايا مرتبطة باللغة، أسها البحث في أصل اللغة، وهو ما تسعى هذه الورقة إلى مقاربته وإبانة ما زبر به علماء العرب من مواقف وآراء تختلف باختلاف مذاهبهم، بتخصيصنا للفيف من علماء اللغة، الذين كانت لهم مزية السبق في كشف حجب أصل اللغة بتقديم أدلة حول كل موقف الذي يتراوح بين التوفيق(الاصطلاح، والوضع) والتوقيف( الالهام، والطبع).
المحور الأول: الأسس والمفاهيم:
رواية "السمان والخريف".. كيف صور نجيب محفوظ إحباطات مصر بعد ثورة يوليو؟ - شريف مراد
يُعلِّق بعض النقاد على أدب نجيب محفوظ بأن لغته سهلة وبسيطة وربما غير أدبية، تُشبه في أحيان كثيرة لغة الصحافة ولغة الشارع العادية، بعيدة عن المجاز والتراكيب اللغوية، وهو ما يُميّز كتابة الأدب والرواية، يرى الناقد الأدبي رجاء النقاش(1) أن هذا النقد لم يجانب الصواب كثيرا، فلغة نجيب محفوظ بالفعل سهلة وتكاد تكون مفرطة في البساطة، إلا أن هذا -بحسب رجاء النقاش- إحدى نقاط قوة أدب نجيب محفوظ وليس نقاط ضعفه، فنجيب كتب بلغة الناس التي يحكي عنهم، أدب نجيب محفوظ هو حكايات المصريين في حياتهم اليومية العادية، وحكاياتهم في أحداثهم التاريخية الكبرى في الثورات والانقلابات، في المخابئ تحت قذائف الغارات الجوية، وخلال حركات التأميم وحملات التطهير، كل هذا موجود في أدب نجيب محفوظ.
الأدب لعبة النهايات - ذ.رشيد سكري
من أين تبدأ لعبة الأدب و أين تنتهي ؟
إن الإبداع عذاب و ألم و أمل على سمْت الكتابة. كيف يحول الكاتب مواقع نجوم بعيدة إلى جواهرَ و ألماس قريبة، نستشفها عبيرا فيَّاحا، بل هواء جديدا يعبق بنسيم الحياة ؟ لا حديث عن أدب خال من إمتاع و مؤانسة، ولا خير في كتابة و إبداع غير مَسْجور بطموح الخيال و التغيير. نتحدث كثيرا، بل نستشيط عذوبة الكلام عن أساليب فنية في الكتابة ؛ أهي شخصيات " تلعبُ الورق" ؟ أم هي زمكان في " الجبل الأقرع " ؟ أم هي حَبكة " الأيام" ؟ وبالرغم من ذلك فإننا ننسى شيئا مهما، في تقديري، العلاقة التي تربط بين السارد وشخصياته، التي دفنها في الأقاصي، وعاد وحيدا، ولم يترك الجسر. السارد المتواري خلف صوتي وصوتك وصوت الزمان، يأتينا برؤية نتحسس بها الوجود . علاوة على أن رؤيتي و رؤيتك من خلف، أستحضر بها وعبرها كتابات ذهبت قاصدة النهايات ؛ فما كان نجيب محفوظ، الروائي المصري، إلا شاعرا روائيا، وكهنوت الرواية العربية، يتسامى إحساسنا عبر شوارع و حارات القاهرة والإسكندرية وبور سعيد وثرثراث فوق النيل.
آنّا أخماتوفا.. ملكة ذات طابع مأساوي - د.جودت هوشيار
في عام 1912 كانت آنّا أخماتوفا في الثالثة والعشرين من عمرها. إمرأة جميلة، مفعمة بالأنوثة والبراءة، وشاعرة رقيقة ذات موهبة عظيمة، وتحب النزول في وقت متأخر من الليل الى قبو مقهى " الكلب الضّال" في العاصمة بطرسبورغ، وعلى كتفيها شال، وفي جيدها عقد من اللؤلؤ. وكانت قصائدها تعكس عمق شخصيتها، وتنطوي على حقائق نفسية ووجدانية قوية، تثير رغبات حسية دفينة وموجعة، عبر شكل شعري متألق، بوسائل لغوية بسيطة. كانت الأحلام ما تزال ممكنة التحقيق، ولم يدر بخلدها في ذلك الحين، إن المستقبل محمّل بالمصائب.
قراءة ثقافية لقصيدة الظل والصليب لصلاح عبد الصبور - إبراهيم مشارة
لطالما اتهم شعرنا القديم بأنه شعر خالي من الفكرة قياسا إلى الشعر العالمي وتحديدا الشعر الأروبي ذلك أن النقاد والدارسين خاصة المستشرقين أخذوا عليه مآخذ تلخص في كون شعرنا القديم سقط في فخ التقليد فإذا كان امرؤ القيس قد وقف على الأطلال فبكى واستبكى حسب كثير من الشعراء أن هذا هو طريق الشعر وحده وأن الشاعر الذي لا يبكي على الأطلال ليس بشاعر ، وأن القصيدة التي لا تستهل بذكر الطلل ليست بقصيدة ، حتى ولو كان الشاعر ما عرف طللا في حياته ، وأخذ على شعرنا أنه شعر الانفعال الحاد والعاطفة المشبوبة كأنها فرس جموح لا تسلس القياد للعقل ، وشأن العاطفة الحادة في الفن كشأن الشهاب يلمع فجأة نارا ونورا ثم يخبو ضوؤه وينتهي رمادا ، والشعر رؤيا ذاتية وصياغة جديدة للعالم قوامها العاطفة الهادئة والفكرة المتأملة بغير مبالغة تشط عن حقائق الوجود أو تنكر في صلف ما هو من يقينيات الطبيعة والحياة ، وأما سقوط شعرنا في فخ الخطابية فذلك شأن لا ينكر ومن شأن الروح الخطابية أن تسطح الفكر والشعور وتجنح بصاحبها إلى الرياء، وتدفعه رغما عنه إلى كد الذهن في استقصاء الألفاظ المدوية والعبارات الرنانة والاستعارات البديعة والتشبيهات غير المسبوقة حتى يوصف صاحبها بالبليغ وبالشاعر المقوال ويستل من النفوس الإعجاب ومن القلوب المودة ومن خزائن السلطان المال الوفير .
قراءة في المجموعة القصصية '' نرجسية الرجال '' لمحمد برشي - رشيد ابراهيمي
إن الغوص في أعماق المجموعة القصصية للقاص المغربي "محمد برشي" وهو ابن بلدة توجد في الجنوب الشرقي للمغرب ، يكشف بين ثناياها مشتركا حياتيا يربط حياة أبناء الجنوب بخيط يجعل أي قارئ لعمله الإبداعي يقف وقفة بين الأسطر ليسترجع شريط حياته الماضية ؛ سواء في طفولته أو مراهقته وخصوصا في مرحلة الدراسة الجامعية التي استأثرت صفحات الكتاب أن تكشف عنها ٠ وتبرز قيمة تلك القصص في ميل مبدعها تارة إلى الجدية في السرد لشد انتباه القارئ وليس أي قارئ إنما أولئك الذين ينتمون لنفس البيئة وطفت في عقولهم فكرة اجترار نفس المعاناة دون التفكير في بديل ينقل واقعهم إلى أفضل ولو في تفكيرهم ، وتارة أخرى يتوسل بالسخرية كبعد فني له قيمة رمزية ٠٠ يعمد من ورائه إلى الثقافة السطحية السائدة في المجال الجغرافي الذي ينتمي إليه وكذا إلى إبراز الوعي الفكري المحدود لدى فئة عريضة من المجتمع الذي لازال يعاني من ويلات الجهل والأمية٠