6a00d83451c3b369e2013487f36942970c-800wiإلى عبد الرحيم الصايل
 (...) شعرية جلال الأحمدي المتحررَة، تجد أنها مطرزة بأدوات اقتِحامِية، ما يُؤَدي إلى غنى تَوتُرِها الدلالي وتنَوعِه، وهي شعرية مفتوحة على غنائية داخلية. تَتلذذ باغتيال العلاقات العادية بين الكلمات بوقاحة باذخة، لا يُستَهان بِحَيَوِيَتها، وتماهيها مع هاجس الكتابة واستطاعة المعنى.
باشتغال بارد على اللغة، وأنيق، يكتب جلال الأحمدي قصيدته المؤَثَثَة بصور شعرية دقيقة ونحيلة، نظرا لما اِعتَراها من صقل ركِيز – هو السِمَة الأبرز لمَتنِه – جعلها لا تَدُل إلا ما تتَغَيا أن تَدُل عليه .. الإدهاش هنا ليس غاية بغير ما هو بِسَاطٌ لجملة مضيئة، تَسْتأسِد آخر النص، تذهب بك حيث هي تريد .. نحن هنا إزاء حقل الكلمات غير المُهمَلة .. كلمات ملساء .. شفافة تُجِيد الكلام  ..

poesie-abstraعشرون عاما مرت على رحيل الشاعر أحمد بركات، وهي نفسها السنوات العشرون التي لم تستطع بمرورها تغييب قصيدته. هذه القصيدة التي تَلمع بشهوة الشعر وطراوته. قصيدة بمَسلكيات، فَذة اتخذت لنفسها رفا مميزا وسط مكتبة الشعر العربي المعاصر.
فلغة أحمد بركات التي تحضر دائما في نصوصه معتدة بقلقها ونبيذها، والتي طالما حاول نقاد كثيرون فك شيفرتها التي يَدسّها من غير تخطيط، وهي شيفرات رَوّضت الخطاب النقدي على ترك مسلماته وتقنيات أدواته وإعادة صياغة مقولاته من داخلها.

absee-lakeشهدت اللسانيات منذ أزيد من قرن تطورا عجيبا، إذ تعاقبت النظريات، وتباينت الاتجاهات،  يحدو أصحابها الطموح إلى الفوز بمنهج علمي يمكن من وصف بنيات الألسن باعتبارها أنساقا مغلقة على نفسها، لكل نسق قوانينه الداخلية الخاصة به. ويبقى فرديناند دوسوسير رائد الدراسات اللسانية الحديثة. إذ حضيت دروسه بشرف السبق والاستئثار في وضع الأسس المعرفية التي تقوم عليها معمارية اللسانيات، و إيجاد موقع لها ﺇزاء العلوم الإنسانية الأخرى . فهو أول من سعى إلى استخراج نظرية تمكن من وضع ثوابت اللسانيات ، بتجديد موضوعها، وغايتها، والقضايا التي تتناولها، والمسالك التي تتوخى لدراسة اللغة والألسن.

pose-of-albert-camus1منذ سنواته الأدبية الأولى، ظل ألبير كامي مشدودا إلى المسرح (تمثيلا وكتابة). انتمى إلى "مسرح العمل"، الذي غيّر اسمه بعد سنتين من انطلاقه إلى "مسرح الفريق" LE THEATRE DE L’EQUIPE. اشترك كامي في تأليف مسرحيات عدة مع الفريق. وكان له النصيب الأوفى في كتابة مسرحية "ثورة الأستوريين" REVOLETE DE LES ASTURIES، واشترك أيضا في التمثيل مع فريق راديو الجزائر، الذي طاف معه معظم مسارح الجزائر.
منذ 1938 وهو يكتب مسرحيته الشهيرة "كاليغولا" التي أخرجت من قبل المخرج الفرنسي بول أوتلي PAUL OETTLY في مسرح Hébertot.  غير أنه كان لمسرحيته "سوء التفاهم" Malentendu الأسبقية في التجسُّد فوق خشبة مسرح Mathurins، 1944، وباريس تهتز لوابل قنابل الحلفاء والنازيين معا. المسرحية التي أخرجها أيضا بول أوتلي. كما أخرج مسرحته "العدل" Justes، سنة 1948.

parisart-14تأسست عام 1916 جمعية روسية لدراسة اللغة الشعرية، سيطلق عليها الشكلانية الروسية. ومن الضروري وصل هذه الأخيرة، بكيفية متسعة الأفق بازدهار اللسانيات البنيوية وخاصة أعمال حلقة براك. لإبراز ذاك التوجه الأدبي والجمالي الذي نشأ في العقود الثلاثة الأولى للقرن العشرين،"والذي يلح على إبراز قوانين الخطاب الأدبي الداخلية ويرفض المشهد التاريخي الذي هيمن آنذاك في حقل النقد"[1].

فلقد شغف الشكلانيون الروس بالبحث عن القوانين الداخلية التي تمكننا من القبض على العمل الأدبي ، ما دام "المنطلق الطبيعي والمعقول للعمل في البحث الأدبي هو تفسير الأعمال الأدبية ذاتها وتحليلها. فبعد كل شيء، نجد أن الأعمال الأدبية ذاتها هي التنوع التي تسوغ كل اهتمام نبديه بحياة الأديب وبمحيطه الاجتماعي وبعملية التأليف الأدبي كلها[2]. لهذا تعتبر الشكلانية الروسية انعطافا في الفكر الغربي ، تظافرت مع جهود متزامنة ومتماثلة كالتكعيبية في التشكيل واللانصونية في الأدب. وغدت اتجاهات متعددة كان لها نفس المنبع – أي إعطاء الأولوية بدءا أو ختاما للشكل الأدبي- حول نظرية اللغة الشعرية.

poes-abstبين الثلاثي، توفيق زياد (1929-ـ1994)، وسميح القاسم (1938-2014)، ومحمود درويش (1941-2008)؛ الذين نُسبت إليهم، وبالتالي تحوّلوا إلى مرجعية نصّية ودراسية لتعريف، الحركة الشعرية التي سيطلق عليها العالم العربي مسمّى «شعر المقاومة الفلسطينية» تارة، و«شعراء الأرض المحتلة» طوراً؛ كان القاسم هو الأغزر نتاجاً: بالكاد بلغ الثلاثين، حين كان قد أصدر ستة أعمال شعرية، أوّلها «مواكب الشمس»، 1958، المجموعة التي ستطلق سيرورة تأليف جارفة جاوزت السبعين عملاً، بين شعر ونثر ومسرح و«سرديات».
أيضاً، بدا القاسم، أو هكذا بدأ في الواقع، الأكثر حميّة لتحميل القصيدة تلك النبرة الإيديولوجية الصارخة، الخطابية والمباشرة، التي لا تكتفي بإشباع حسّ المقاومة ضدّ المؤسسة الصهيونية، وتثبيت الهوية الفلسطينية، وامتداح أرض فلسطين، واستنطاق رموزها التاريخية والثقافية، كما كان ديدن قصائد زيّاد ودرويش. كان القاسم، في المقابل، لا يجد حرجاً فنياً، ولا غضاضة بالطبع، في أن يكتب قصيدة/ طلب انتساب إلى الحزب الشيوعي، فيمتدح ماير فلنر و«شيوعيين لا أعرف أسماءهم من أسيوط واللاذقية وفولغوغراد ومرسيليا ونيويورك وإزمير، ومن جميع المدن والقرى وأكواخ الصفيح والعرائش .. المتشبثة بكوكبنا .. بكرتنا الأرضية».

qyestion-sens-yassineقد يكون من باب المغالطة والتعسف تقويض المسار العلمي لعبد السلام ياسين حين اتهامه بأن كان يسعى بطريقة سياسية – دينية إلى قلب نظام الحكم الذي عانى منه كثيرا. وتتنوع صور معاناته في جهات شتى، لعل أبرزها التنكر لإنجازاته في مضمار الكتابة التي نحت منحنى التحدي لعالم كامل، من خلال الكشف المستمر عن رعب الدوغمائيات (العربية والغربية) في المحيط الاجتماعي والسياسي والتاريخي...
    فقبل موته وبعد موته، سنقول إنه مازال غائبا باعتباره فاعلية عن المكتبة العربية والمغربية على الخصوص. وغيابه هذا، بمثابة إعلان عن حرب قائمة أو عن انجراح سلوك يتنور وهو دام في مسيرته وتفكره. إن تناسي جود قريحته وطي صفحة إبداعاته اعتراف آلم وصادم عما لاقاه على أيدي غيره، تمسي عندها لحظة النبش في المتون مكاشفة لتاريخ ضار وتدوينا لوثيقة كلام يأبى التكتم والصمت.
    فمتون عبد السلام ياسين، تفيض بوازع قهري ومضن بما يشغله داخليا، وتخص معنى حياتنا ومعنى وجودنا في هذه الأرض. ولعل هذا الاهتمام دليل على عدم اطمئنانه للإجابات التي قدمت عن سؤالي الإنسان ووظيفته في هذه الحياة. مما جعله يغير زاوية النظر، حيث أمضى عقودا زمنية باحثا في الثقافات والأفكار، متحريا تفعيلات الدين ليفحص الإنسان من منظور القرآن والسنة دون إهمال إمكانات النظر العقلي. كما كان ذلك حافزا من أجل صياغة مذهبه الخاص الذي أعلنه في مفهومي العدل والإحسان.

1131243  abstractتكشف النماذج النسائية كما جسدها الصوغ الروائي في "زمن الأخطاء" عن صورة ثقافية يمكن أن نقرأ فيها وعبرها صورة المجتمع بكل ما يموج فيه من أعطاب نفسية واختلالات اجتماعية. لقد قدم شكري في هذه الرواية صورة للمرأة باعتبارها بنية ثقافية تخدم منطق السرد في تركيزه على عالم الغرائز الذي مثل  في سياق الرواية طبقة سردية توخى المؤلف من خلال الحفر فيها بعمق الكشف عن وضع المرأة في ظل مجتمع ذكوري لا يسمح لها سوى بحضور شاحب وباهت. فالمرأة، كما تصورها الرواية،  تابعة للرجل وخاضعة له. إنها موضوع لمغامراته الجنسية ومجال لتحقيق نزواته وإشباع غرائزه واستيهاماته. لقد مثلت المرأة أداة لرصد تحولات المجتمع المغربي وكتابة تاريخه السري في الفترة التي أعقبت مرحلة الاستقلال. الأمر الذي جعل من صورة المرأة في هذه الرواية مرآة حساسة وشفافة تنعكس عليها الأخطاء الكبرى التي ارتكبها المجتمع في حق أبنائه.

سردية الذات وشعرية الكتابة المضادة: