abstrait-rouge-et-gris 2772حين يحلم الشاعر.. وهو الأحق بالحلم ..
 تبتسم الحياة وتورق على جوانبها الأزاهير..
يتداعى القبح تجرفه سيول الأحرف التي تضئ الحلم..
يحرسها، يقتنصها شذرات يبثها أضمومات يهبها الحياة والدفء..
حين يحلم الشاعر..
 – وهو حين يحلم يكون في – " لحظات الصحو القصوى " يفكر في إمكانيات تلقي الشعر، في "حاملات" بكر للقصيدة، حاملات لم تصلها خيالات المبدعين.. وعلى امتداد المدى يهبها أجنحة من زهر لتحلق بعيدا إلى حيث لا يصل القبح والتردي..
حين يحلم الشاعر..
 يرصص للشعر فضاءات أرحب للاتساع والانتشار والذيوع الإيجابي التواصلي الذي يطور.. يُزهر القصيدة ..يُطرِّز  بالعشق جمال الأحرف التي تراقص الوجود لتهبه بهاء ورونقا وفسحة لأن يُعاش ..
شيء جميل أن يحلم الشاعر.. أن يمتطي صهوة خياله يجوب عوالم الأنوار.. يفتح مغاليق الأسرار وسحر الكلمات.. وعميق الأمنيات..  
شيء جميل أن يحلم الشاعر، لأن حلمه حياة للإبداع واستمرار لمعني الوجود والموجودات..
لكن ، ليس من الجمال في شيء أن يخلق الشاعر أو يفكر – مجرد التفكير – في مساحات "اشهارية" بدعوى نشر الشعر وتقريبه من المتلقي ..

83774142 pٳن الأهمية المعرفية لمشروع الدراسات الثقافية فوق أن تطرى أو تمدح بالصيغة التقويمية التقليدية ٬ فهو باعث على الحوار و الجدال و الأفكار و الآراء و طرائق التحليل و الاستنتاج التي احتواها و توصل ٳليها  و اتبعها . فكل ذلك يثير خلافا يصب في نهاية المطاف في صالح الهدف الذي يريد أن يحققه مشروع مثل هذا : تصحيح علاقتنا بالماضي من خلال نقده ٬ و تحديد أنساق القيم الخداعة المتخفية في ثقافتنا و حياتنا . ثم العمل على تفكيك عراها و أواصرها تمهيدا لتغييرها. و ليس مهما لمشروع مثل هذا أن نسلم بما تضمنه و انتهى ٳليه ٬الأهم بالنسبة له أن يكون مفتاحا ييسر فك الأقفال الصدئة التي تحول دون الغوص في تخوم عوالم الماضي و الحاضر .
فحقل الدراسات الثقافية  حقل متحرر من كل القواعد و الضوابط ٬ مفتوح على كل المنتوجات الثقافية سواء أكانت مركزية أم هامشية  . ٳذ يستفيد من التراكمات السابقة و يرتكز على معارفها و ٳنجازاتها العلمية . يحاول أن يهتم بكل ما ينتجه الٳنسان ساعيا ٳلى بناء الجسور و هدم الخصوصيات بغية تأسيس توجه فكري لا يلغي أي ٳبداع كيفما كانت ضآلته . كما لا يضع الحدود بين الثقافات سواء أ كانت عليا أم دنيا ٬ مادام مجال بحثه الهامشي و المقصي . و بتعبير أدق : اللامفكر فيه .

radwa-achourتوفيت في نهاية نونبر2014 الكاتبة المصرية رضوى عاشور  ..التي ولدت في 26 مايو 1946 في القاهرة ودرست الأدب الإنجليزي، حصلت على الماجستير في الأدب المقارن من جامعة القاهرة  و الدكتوراه من جامعة في الولايات المتحدة،اشتغلت بالتدريس في كلية الآداب بجامعة عين شمس، كما عملت أستاذة زائرة في جامعات عربية وأوروبية .
تعدد إنتاج د. رضوى عاشور   ما بين دراسات نقدية منها =(الطريق إلى الخيمة الأخرى.. دراسة في أعمال غسان كنفاني) و(التابع ينهض.. الرواية في غرب إفريقيا) 1980 و(البحث عن نظرية للأدب.. دراسة للكتابات النقدية الأفرو-أمريكية) 1995./
كتاب (في النقد التطبيقي بعنوان "صيادو الذاكرة ) عبارة عن مجموعة مقالات ومداخلات وشهادات تبرز اهتمامها بالإبداع في مختف تجلياته (القديم والحديث-العربي والأجنبي -الشعر الفصيح والزجل-الرواية والقصة والقصيدة والمسرح-المرأة والكتابة.الاستشراق والأدب الإفريقي..الخ)، كما عملت من خلال كتابها ( الحداثة الممكنة )2009على إنصاف أحمد فارس الشدياق مما لحقه من حيف باعتباره احد رواد النهضة وكتابة الرواية في تاريخ الأدب العربي الحديث.
 

6894206-abstractمشكلة التجنيس:
     يطرح تجنيس النصوص إشكالا حقيقيا يرتفع إلى مستوى "المعضلة"، وقد عبر غير واحد من الدارسين عن هذه المشكلة التي تواجه المشتغلين بالأدب عامة وبنظريته خاصة، من هؤلاء جيرار جونيت الذي عرض لهذا الإشكال في كتابه "مدخل لجامع النص"، حيث انتهى من تقليب النظر في هذه المسألة إلى أنه بالرغم من الاجتهادات العديدة المطروحة داخل نظرية الأجناس، فإنه لا يوجد من بين هذه "الاجتهادات" موقف، في ترتيب الأنواع، "أكثر طبيعية" أو "مثالية" من غيره، ذلك صريح قوله:
"نرى أنه لا يوجد بشأن ترتيب الأنواع الأدبية موقف يكون في جوهره أكثر "طبيعية" أو أكثر "مثالية" من غيره، ولن يتوافر هذا الموقف إلا إذا أهملنا المعايير الأدبية نفسها كما كان يفعل القدماء ضمنيا بشأن الموقف الصيغي. لا يوجد مستوى "جنسي" يمكن اعتماده كأعلى "نظريا" من غيره، أو يمكن الوصول إليه بطريقة "استنباطية" أعلى من غيرها، فجميع الأنواع أو الأجناس الصغرى والأجناس الكبرى لا تعدو أن تكون طبقات تجريبية، وضعت بناء على معاينة المعطى التاريخي، وفي أقصى الحالات عن طريق التقدير الاستقرائي انطلاقا من المعطى نفسه؛ أي عن طريق حركة استنباطية قائمة هي نفسها على حركة أولية استقرائية وتحليلية أيضا. ولقد رأينا بوضوح هذه الحركة في الجداول (الحقيقية أو القابلة للوجود) التي وضعها أرسطو وفراي، حيث ساعد وجود خانة فارغة (السرد الهزلي، السرد العقلاني، المنفتح) على اكتشاف جنس كان بالإمكان ألا يدرك مثل المحاكاة الساخرة"[i].

75877785بعدما أطلق شعار تحرير الفرد ٬ انصب الاهتمام على الجسد - باعتباره وحدة قائمة  الذات - لاستكشافه. أصبح حينها الجسد  المركز النابض  بالحياة والحيوية  يسجل  حضوره بوصفه لغة تعبيرية تفصح  عن خطابات متنوعة.
فالخطابات تتسربل بوجع التلفظ ٬ وتمسي المهمة تدوينا لوثيقة الكلام الذي استرد سلطانه رافضا التكتم . ومن منطلق أن الخطابات تراهن على اللغة التي  تستدرك بوحها، يسجل الجسد هذه المرة  تواجده في العالم بناء على اللغة التعبيرية والرؤية البانورامية من خلال الحركة، والشكل، واللون... إذ يمكن لهذا الكيان أن يوحي بخاصيات الذات٬ هكذا يتحول الجسد إلى تعدد خطابي يحيل  على معان متعددة.
ٳذ لم يعد  الجسد كما في التفكير الكلاسيكي؛ يتبدى بوصفه أجهزة فيزيولوجية  هي محصلة خلائط كيماوية . وبتعبير أدق ٬ ليس  الجسد مجموع الأجزاء الممتدة الجوفاء ٬  بل أصبح  بتعبير ميرلوبونتي (Mérleau- Ponty) "هو  التفكير أو تلك القصدية التي يدل عليها "[1].
 فالإنسان لابد أن يحتويه الجسد القائم،  لن يكون  شيئا آخر بدونه، فدليل الإنسان جسده . إن التشخيص اللحمي والعظمي هو المعطى المباشر في مستوى الواقع، أو الدلالة، أو اللغة " فأشخاص الرواية الفنية، أو الحكاية الشعبية موجودون دائما بدون أجسادهم، لكن لا تتعامل معهم المخيلة إلا وهم مجسدون[2]".

LORCA ".... كان نابغة وفكها، كونيا وريفيا...
كان خلاصة أعمار إسبانيا وعهودها،
صفوة الازدهار الشعبي: نتاجا عربيا
أندلسيا، ينير ويفوح من أيكة ياسمين على
مسرح إسبانيا: كان كل هذا... يا ويلتي
لقد اختفى ذلك المسرح فأواه، وآه.."
   " بابلو نيرودا "
تــــوطئـــة:
من المسلم به الآن في العديد من الدراسات النقدية اعتبار الأدب (العمل الأدبي) نتاج مجتمع وبيئة وظروف اجتماعية معينة أو نتاج فرد يغير بدوره في الأخير فردا من المجتمع ونسيجه الثقافي والفكري… وما يعتمل فيه من إرهاصات وتطلعات وأحلام ، وأن دور الأدب هو رصد وتصوير هذه التطلعات داخل مجتمع الكاتب.
وبوجه أو آخر لا يمكننا فصل الأدب عن واقعة الاجتماعي وعن كاتبه وظروفه من هنا سنسم أنفسنا استعاريا بالجنود وسنمارس نوعا من التعذيب والاعتقال للنص الأدبي وللمحيط الذي نشأ فيه وظروف إنتاجه وسنستنطقه. ونكرهه إكراها جميلا للكشف عن التجليات الاجتماعية فيه.
وإذا كان أبو تمام عند البعض جلادا يعذب اللغة (وربما هذا ينطبق على كل الأدباء الحقيقيين)، فإنني هنا سأمارس نوعا من العنف الجميل على نص لوركا "مرثية إغناسيو سانشيز ميخياس" من موقعى كقارئ – وربما هذا سيطال أيضا شخصية وظروف حياة لوركا بقدر ما تضيء لي غوامض القصيدة وربطها بالواقع الاجتماعي - إنه بتعبير آخر عنف مبرر ومشروع أقل شيء باعتبار القصد من الدراسة. وهو الوقوف على التجربة الواقعية الاجتماعية التي يعالجها لوركا في هذه القصيدة واستكشاف دلالات وأبعاد النضال فيها.

SARADIB" أنت عبد الرحيم؟ 
 نعم 
تفضل معنا ".(ص351)
تلصّصتُ على الرَّهط، بعدما استرقت السمع منهم ودلفت خلفهم وتحت إبطي سراديب النهايات ـ الرواية ـ أُفتّْش في خباياها، فما كان من أمري إلاّ أن استوقفني ابن خلدون يحذرني من الخوض في صناعة لا أُتْقِنها، زادني تحذيره إصراراً يشبه إصرار عبد الرحمن ـ الخيط الناظم للرواية ـ في تمسكه بالأرض، بالأمانة، سامِتاً متفانياً لم يتزعزع قيد أُنمُلَة عن الخط الذي رسمه له كاتب الرواية.
رواية  »سراديب النهايات «  للروائي المغربي عبد الإله بلقزيز، صدرت من دار "منتدى المعارف" في طبعتها الأولى لعام 2014، جاءت في 351 صفحة من الحجم المتوسط لتنضاف إلى أخَوَتَيْها: صيف جليدي 2012|384 ص، والحركة 2012|216ص.
نستطيع أن نصنف "سراديب النهايات" ضمن الرواية الواقعية الاجتماعية، وإن كان الجانب الرمزي فيها حاضرا بقوة من خلال أسامي الشخصيات، أو الأمكنة، أو بعض الإشارات الواردة هنا وهناك، نتطرق لبعضها في حينه. نحن أمام جنس أدبي مفتوح يمزج في بنيته الداخلية بين السرد والرحلة والمذكرات؛ كما يمزج في لغته بين الفصحى التي هي قوام النص وبين العامية المنثورة في بعض فقرات الرواية، لغة راقية رصينة قريبة من الإفهام وإن كانت تدعوك أحيانا إلى مراجعة المعاجم وكتب اللغة، وتتخللها مفردات وعبارات من العامية الدارجة التي  تجد لها ما يعضُدها في المعيش اليومي المغربي.

anfasse1234     شكلت القصة القصيرة جدا في الآونة الأخيرة زخما إبداعيا مهما ، مغريا بالكتابة من جهة و بالقراءة من جهة ثانية ، لكن ليست كل النصوص تغري بالقراءة أو بالإبداع ؛ و هذا ديدن الأنواع الفنية مثل الشعر و الرواية و المسرح ، إذ هناك نصوص شعرية و روائية تقتل القارئ مللا و سأما  ...لكن، هناك نصوص تشدك إليها شدا و تغريك إغراء، فتقرأ و تعاود القراءة. و هذا لم يكن من نصيب جميع كتاب القصة القصيرة جدا و لا من نصيب جميع النصوص القصصية، و من بين تلك التي شكلت متنا لمقاربة نقدية ستنشر لاحقا، نص: "المؤخرة "، فماذا يحمل من معاني و دلالات ؟    
في المتن : 
    " تبعها الجميع بمن فيهم ذاك الذي يدعي الورع ، ركزوا جيدا حتى لا تزيغ أعينهم عن تفاصيل الرقصة ، انتهى عرضها و ضاع عرضهم . "  
من العنوان إلى النص : 
 
     يشكل العنوان عتبة من عتبات الولوج إلى عوالم النص الدلالية . إنه يشبه الثريا التي تضيء عتمات النص و تنير دهاليزه ، كما أنه يمثل الطعم الذي يغري القارئ بركوب مغامرة القراءة ، و قد جاء عنوان النص اسما معرفا يحمل دلالات :