
وقد ارتبط مفهوم القراءة في التراث الإسلامي بالتفسير والتأويل، باعتبارهما طريقين لاستخراج المعنى وإظهاره من الكيان النصي، ويرتبط التأويل بالاستنباط، في حين يغلب على التفسير النقل والرواية، وفي هذا الفرق يكمن بعد أصيل من أبعاد عملية التأويل، وهو دور القارئ في مواجهة النص والكشف عن دلالته).. (إن المؤول لابد أن يكون على علم بالتفسير يمكنه من التأويل المقبول للنص، وهو التأويل الذي لا يخضع النص لأهواء الذات وميول المؤول الشخصية والإيديولوجية، وهو ما يعتبره القدماء تأويلا محظورا مخالفا لمنطوق النص ومفهومه».(٢)
وفي خضم سيل من القراءات المعاصرة للتراث يقدم المفكر المغربي طه عبد الرحمن مشروع قراءته للنص التراثي بأنه منحى غير مسبوق يأخذ بالنظرة الشمولية والتكاملية إلى التراث وليس بالنظرة التجزيئية والتفاضلية، وبأدوات مأصولة وليس بأدوات منقولة، مؤكدا أن قراءة النص التراثي هي:«مطالبة النص بالتدليل على وسائله أو مضامينه» (٣.)فأخذ على عاتقه زحزحة التقليد المعاصر في قراءة التراث، الذي آثر في نظره الاقتصار على نقد مضامين التراث من دون الوسائل التي عملت في توليد هذه المضامين وتشكيل صورها، فكان بذلك -التقليد المعاصرفي قراءة التراث-نظرة جزئية تفاضلية، بسبب وقوفه عند مضامين النصوص والنظر فيها بوسائل تجريدية وتسييسية منقولة مع نسيان الوسائل التي عملت في تأصيل وتفريع هذه المضامين التراثية.فما هي الخلفيات المعرفية الموجهة لهذه القراءة؟ وما هي مستويات وآليات هذه القراءة؟.