يندرج تحليل الخطاب ضمن الإشكالية العامة للمعنى، ويمثل محاولة للإجابة عن سؤال المعنى الذي استبعده دو سوسير على أساس أنه لا يخضع للدراسة العلمية. لقد انطلق دو سوسير من مبدأ المحايثة الذي ينص على ضرورة دراسة اللغة دراسة بنيوية باستقلال عن المتكلم وعن الوضعية التواصلية. ومن ثمة قصر دراسة اللغة على مستوياتها القابلة للوصف (المستوى الصوتي، المستوى الصرفي، والمستوى التركيبي). ودرس وحدات كل مستوى دراسة شكلية على أساس ما يربط بينها من علاقات التعارض opposition أو علاقات التكافؤéquivalence . ( لنأخذ كلمة "مال" مثلا، حيث فونيم "الميم" يكتسب قيمته من تعارضه مع كل من "الألف" و"اللام" حيث لا يمكن أن ينوب عنهما داخل هذه العلامة اللسانية. لكن هذا الفونيم يدخل في علاقة استبدال مع فونيمات أخرى قد تنوب عنه هي "السين"، "القاف"، "الجيم"، فتخلق علامات لسانية أخرى هي "سال"، "قال"، "جال"...؛ وما ينطبق على التحليل الفونولوجي، ينطبق على تحليل الكلمة.

تظل تجربة الكتابة ،عند عبد النبي بزاز، مشدودة إلى واقع اجتماعي حرون. فمن خلال تاريخانية إبداعاته ، التي مزج فيها بين النصوص التذكارية والرؤية القصصية والروائية، سنجد تشكلات الرؤية الاجتماعية حاضرة في رؤيته لعالمه و لواقعه.
   تتطلب هذه المعالجة ، من الكاتب ،المسك بخيوط البناء الروائي. وفي رؤيته ،هاته ، يندغم الخطاب بالواقع ، فيصير السمت ضيقا و غير آمن نحو الخروج من كماشة واقع ، يرفض الانصياع إلى وصايا المبدع ... فينتصر الواقع على الكاتب ... كما انتصرت السياسة على كامو، الذي ظل مخدوعا بين أبناء وهران ، ...أو كما انتصرت الفلسفة على سارتر الوجودي ...وكما انتصر شيوخ الأزهر على عميد الأدب.  

بأسلوبه الذي لا يخلو من تشويق ومتعة ، يكتب ياسمينا خضرا ، الذي يعتبر من أبرز الكتاب المعاصرين العرب الذين يكتبون باللغة الفرنسية ـ رواية تحت عنوان : ليلة الريس الأخيرة تنضاف إلى أعماله الروائية الأخرى التي أسالت مداد أقلام الكثير من  الناقدين والباحثين والصحفيين المهتمين بهذا الجنس الأدبي الإبداعي .
لكن أولا من هو ياسمينا خضرا ؟

هو كاتب جزائري ، يكتب تحت إسم مستعار –هذا الإسم المستعار ياسمينا خضرا ، هو إسم زوجته – أما إسمه الحقيقي هو محمد مولسهول  ضابط  في الجيش الجزائري لأكثر من ستة وثلاثين سنة .. تخلى  فيما بعد عن لباسه العسكري من أجل أن يتفرغ للأدب والإبداع .من أشهر أعماله نذكر على سبيل المثال لا الحصر :

  • بما تحلم الذئاب .
  • مكر الكلمات .
  • القريبة ك .
  • الصدمة .

لماذا يموت الإنسان؟
وما هي أسباب موته؟
    سؤال وجد جوابا عند البعض بعد بزوغ فجر الديانات السماوية، لا يهم من آمن ومن عارض، الأهم هناك من اطمأن. لكن كيف للثقافة أن تحدد مصير موت الإنسان وفق هواها، متحدية بذلك التاريخ المقدر لموت الإنسان الطبيعي، ومتحدية كل قدر وزمان ومكان، راسمة بذلك تاريخا للألم البشري.
    تاريخ لا يعشق نهاية العذاب الإنساني، كأنه يتلذذ بنشوة موت الإنسان وجرحه. كم أنت ظالمة أيتها الثقافة، أخذت منا كل شيء، راحة البال والإيمان بالحياة المتعددة والمختلفة للإنسان، أخذت منا حب الإنسان لأخيه الإنسان بذريعة العرق والجنس والهوية، فما هذه الأشياء الصغيرة أمام قيمة وثمن الإنسان؟

بصم المفكر الكبير فيصل دراج الساحة الفكرية والثقافية بكتابات  تحليلية كثيرة وغزيرة  تناولت مجالات مختلفة يجمع بينها الالتزام الثقافي والفكري بقضايا العقلانية والتقدم والحرية ونشدان النماء والتطور والتقدم لمجتمعاتنا الرازحة تحت نير الاستعباد و التخلف والاستبداد ، فالدكتور فيصل دراج من نخبة المفكرين المتنورين الذين بذلوا عمرهم و جهدهم من اجل استقلالية المفكر والتزامه بقضايا الحرية والديموقراطية في زمن صعب ان تجد مثقفا ومفكرا يقول ما يفكر به بدون وجل ولا دوران.

كان الأدب في روسيا يحظى دائما ، بشعبية كبيرة ومكانة سامية في نفوس وقلوب القراء ، خصوصاً المثقفين منهم. وكان ينظر الى الكاتب كنبي، او معلم للشعب قادر على التأثير في النظام القائم وتغيير المجتمع . وكان دور الكاتب في روسيا عظيما الى درجة انه كان من غير اللائق أن يتفاخر أحدهم بنفسه أمام الآخرين ويقول: " أنا كاتب "، وكأنه يقول " أنا عبقري " أو" أنا انسان عظيم " .
أصبح الادب الروسي منذ عصره الذهبي ، في القرن التاسع عشر، شبيهاً بالدين ، يحمل عبئًا أخلاقيًا هائلًا ، ومثل الفلسفة ، أخذ على عاتقه التفسير الفكري للعالم المحيط ، وتحول الأدب من ظاهرة فنية- جمالية الى كتاب الحياة.

إن من يواكب عن كثب، ما دأبت عليه القصة القصيرة جدا من كتابات، يعاين تحولا نوعيا  في صيرورة القص العربي، ذلك أنها سنت شرعة متخيل، يستجيب لروح العصر ذي الوتيرة السريعة، ويطاوع المراد للذات القاصة والناقدة والقارئة، بما فيه من الاقتصاد اللفظي، والإيجاز التعبيري، والتكثيف الدلالي، والإيحاء البلاغي، والاحتمال التأويلي، وبالتالي بما فيه من الاستثمار الأمثل للزمن.
فهي كتابة تعتمد في ملفوظها وتلفظها، استراتيجية محكمة، تتمثل في تدبير حد أدنى من الألفاظ النسقية، في تسريد البنى السردية،  وتشغيل الدلالة، وتفضية بياضاتها، وتحبيكها وفق صياغة قصصية تؤسلب الواقع، وتفضي إلى الإدهاش من اللامتوقع فيه، ومفارقة المعنى إلى نقيضه، والنهاية المفاجئة لأفق التوقعات.

لانريد أن نخوض في المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتق المثقف في بلده فهي مسؤولية مجمع الإتفاق بشأنها خاصة إذا كانت الشعوب متخلفة وفي مرحلة المنعطفات الكبرى، ذلك ماأسماه فيلسوف الوجودية الكبير جون بول سارتر بالإلتزام أي التزام المثقف بقضايا شعبه وبالدفاع عن حريته وكرامته ولو اقتضى الأمر معارضة النظام السياسي القائم، وذلك ماحدث له بالضبط حين تظاهر مع المعارضين في حرب فرنسا في الجزائر وأصدر من أجل ذلك كتابا بعنوان" عارنا في الجزائر" ، والتزام المثقف بقضايا أمته ونزاهة فعله وصدق قوله ليست بالقضايا المستحدثة في تاريخ الأمة العربية، فأبو حيان التوحيدي وهو من كبار الأدباء ومن مؤسسي النزعة الإنسانية في الفكر العربي أخذ على الوزيرين "الصاحب بن عباد" و"ابن العميد" مآخذ سجلها في كتابه "مثالب الوزيرين" فقد أخذ عليهما العيش الرغيد في قصور مترفة وقصر الثقافة على جمع لفيف من الفلاسفة والمناطقة وعلماء البيان والكلام والشعراء والنثار والتطرق في كل ليلة إلى موضوع من موضوعات الفلسفة أو الأدب أو الدين، في حين تعيش الرعية في الخارج في ظلام وتخبط في تيه عماء. وهو موقف للتوحيدي يجعله في قمة رواد المذهب الإنساني الذي عرف به كبار مفكري أروبا.