في العام (1964)، وفي (القاهرة) حيث كنت أعيش، كتبت قصيدتي (هايكو ــ تانكا)، وفي العام نفسه كتبت قصيدة لي، بعنوان (توقيعات)، عندها أدركت أن (قصيدة التوقيعة) أشمل وأكثر تنوعاً وإبداعاً من الهايكو. وهكذا بقيت أكتب طيلة نصف قرن عدة أنواع شعرية فرعية: (الهايكو، الومضة، الملصقات، اللافتات)، تحت عنوان واحد هو (قصيدة التوقيعة). كنت آنذاك قد أصبحت عضواً في (الجمعية الأدبية المصرية) في نوفمبر 964، التي كان يتناوب على رئاستها (عز الدين إسماعيل ــ صلاح عبد الصبور)، وغيرهما. آنذاك كنت أقرأ هذه (التوقيعات) في ندوات الجمعية. وفي أوائل السبعينات قمت بجمع عدد من هذه التوقيعات في ديوان صغير، محدود ، طبع في بيروت، وفي الألفية الجديدة، أصدرت (طبعة ثانية) موسَّعة من (توقيعات عز الدين المناصرة). واعترف عدد هام من الباحثين والنقاد، وكتاب (الهايكو) الشباب الجدد، بدوري في ريادة فن الهايكو، باعتباره فرعاً من فروع (فن التوقيعة). وما زلت أؤمن بأن (التوقيعة الشعرية)، أفضل المصطلحات لهذا النوع من الشعر، الذي يعتبر بعد (قصيدة العمود ــ الموشح ــ الشعر الحر التفعيلي ــ قصيدة النثر)، هو (النوع الخامس) الجديد القديم. وكنت قد استوحيت هذا النوع الشعري من هذا المزيج الرائع: (التوقيعة النثرية العباسية ــ والمقطعات الشعرية ــ والإبيجرام اليوناني - وفن الهايكو الياباني). وكنت قد قدّمتُ (تعريفاً موسعاً) لفن التوقيعة الشعري، تناقلته مراجع عديدة. لقد أتاحتْ (التوقيعة) لكُتّاب أي فرع شعري أن يكتبوه موزوناً أو قصيدة نثر،وأن يوسّعوا (موضوعاتها ).
محمد أسليم المثقف المتعدد - عزيزة شرقاوي
الكتابة عمل تحريضي ؛يحرض الذات ضد الآخر ..إن الذات وهي تكتب إنما تفعل ذلك لكي تدل على ماهو مفقود منها [1] هكذا هو "محمد اسليم" المترجم ، الناقد الروائي ، صوت متفرد ورائد من رواد الثقافة والأدب في العالم العربي ، تميزت كتاباته النقدية بالفاعلية العلمية الفاحصة الصارمة وكذا الأخلاقية و التحليل المرن/المستشرف المنفتح والمسؤول واللغة الباذخة يهدف هذا المقال الاطلال من كوة صغيرة جدا على عوالم نقدية وأدبية ساحرة ممتدة في جغرافيات عربية وغربية قراءة /نقدا وترجمة شيدها بعمق ناقدنا الحصيف.
ولشيء صحيح قال العرب " من ألف فقد استهدف "[2] ، فمحمد أسليم الذي أصدر[3]مجموعة من الدراسات النقدية المائزة تند عن الحصر :
كحديث الجنة (1996) ، كتاب الفقدان (1997) ، سفر المأثورات (1998) ، بالعنف تتجدد دماء الحب (1999) ، الفرونكوفونية وتدريس اللغات الأجنبية في المغرب (1994) ، اللغة والسلطو والمعرفة في المجتمع المغربي (1996) ، لغة العلاج والنسيان (1996) ، الدولة الاخلاق والسياسة في السياق العربي( 1998) ...
أطلقه (درويش وطوقان والمناصرة)... اليوم العالمي للشعر اقتراح فلسطيني - عز الدين المناصرة
- انعقد فى باريس، ومدن فرنسية أخرى (بوردو – غرونوب،مارسيه)، مهرجان (ربيع الثقافة الفلسطينية) لمدة أسبوعين، فى (مايو، 1997)، بمشاركة ثلاثة شعراء فلسطينيين عالميين، هم: (محمود درويش – عز الدين المناصرة – فدوى طوقان)، وهم على التوالى ينتمون للمدن الفلسطينية التالية (عكا – الخليل – نابلس) –كما شارك فى هذا المهرجان المهم، عدد من القصاصين والروائيين من مدن فلسطينية أخرى، أبرزهم: (سحر خليفة – أنطون شمَّاس – زكى العيلة – غريب عسقلانى – ليانة بدر – رياض بيدس)، والمؤرخ الفلسطينى (إلياس صنبر.وقد وصفت (جريدة القدس العربى 2/3/2014)، المهرجان بأنه (يشكّل نقلة نوعية، وغير مسبوقة على الصعيد الأوروبي). وقد حضرت حشود عربية وفرنسية، فاعليات وأمسيات المهرجان، يتقدمهم مثقفون ومفكرون ونقاد فرنسيون منهم: (جاك ديريدا – مكسيم رودونسون – تسفتيان تودوروف),
الحفر والتفكيك عند أحمد أشقر - عز الدين المناصرة
عندما كلفني الصديق أحمد أشقر (مشكوراً) بمراجعة وتقديم مخطوطة كتابه القيّم (الصراع على الهوية في اللاهوت اليهودي)، تذكرت حواري مع (جاك ديريدا) في باريس عام (1997)، حيث تمحور حول التفكيك والحفر وتأجيل حسم الدلالة، لأنَّ الظاهر ليس هو المعنى الحقيقي للأشياء. فالبحث العلمي يبدأ بالشك، واللاتمركز، والاعتراف بالاختلاف، بحثا عن المعنى اللانهائي.
ويُعرّف (ديريدا) عام 1996- (التفكيك) بأنه: (شيء مثل علم الأنساب، بمعنى نيتشي معين، أي حركة أنسابية، (جينالوجية)، لتركيب جديد، أو فكّ التركيب بالصعود صوب الأصل والمصدر)- (المناصرة 2007؛ 551).
التقارب الرمزي في قصيدة لدغة أنوثة مفرطة للشاعرة السورية عليا عيسى - علاء حمد
ماذا لو خطونا خطوتنا على أثر الفكرة في اللغة ، فهذا يعني سنجاور بعض المقاربات الرمزية ضمن منهجية معنى المعنى الذي يدعمنا حول الخوض في قصائدية مرحلتنا الان ، لذلك ينسجم الماضي مع الآن ، ولكن قوة الآن المستقبلية والحضورية هي الأقوى ، لأن الماضي قد مضى ، وإعادته ضمن دائرة حاضرة وليس دائرة الماضي ، ومثلما تتقارب اللغة الرمزية في النصّ الشعري ، تتقارب معها اللغة الآنية في التقصي والبلوغ وإعلان الفكرة من خلال لحظات كتابية ، تدعمنا وتدعم الشاعر بشكل عام .. (لدغة أنوثة مفرطة ) من خلال هذا العنوان الذي يبين لنا بأن لحظة كتابته يقودنا ليس فقط لخدمة القصيدة والتعرف على محتوياتها ، بقدر ما ، لحظة تعبيرية موجزة ، تحمل احتجاجا واضحا مع دلالاتها المتحولة من خلال المعاني المتداخلة والتي تقودنا الى تقاربات رمزية ، فاللدغة ( لدغة عقرب موجعة ) وهنا لدغة أنوثة تبشرنا بحالة الوجع المفرح للأنوثة ، فتحولت الحالة من المأساة الى نشوة داخلية تدفعنا الى الأريحية ..
جمالية التلقي في الهايكو : قراءة في قصيدة عبد الحق المتشاوي – محمد فلاحي
يقول الشاعر والمترجم نور الدين ضرار في مقدمة منجزه الإبداعي الموسوم بباقات من حدائق باشو " تبدو قصيدة الهايكو للوهلة الأولى في تحققها على الورق مجرد بذرة حبر باهتة، أو زخة مطر شفيفة، سرعان ما تتفتق بالقراءة المتأملة عن كون شعري لامتناه في مشهديته بتناسل لوحاته الرمزية وتوالد صوره الموحية..."(1)
من هذا المنطلق لا يسع المتلقي في حقل الهايكو إلا أن يشارك المبدع في تقاسم القصيدة إحساسا وفكرا والتقاطا وتأملا...وكثيرا ما عودنا الهايجين عبد الحق الموتشاوي على اقتناصاته البديعة والتقاطاته المدهشة، فنجده يموج مع الطبيعة في حركتها ويقف لسكونها وينبهر بجمالها ويستوحي رسائل طالما عجز غيره عن فك شفراتها، مستحضرا في ذلك خاصية من أهم خصائص الهايكو"السهل الممتنع" كما يراها الباحث مراد الخطيبي(2) ...
عندما يصبح للمتعة مخالب – قراءة في رواية مخالب المتعة - حمزة الذهبي
" السعادة هي متعة بدون ألم "
سقراط
كيف بدأ كل شيء ؟
أول ما لفت انتباهي وأنا أشاهد رواية مخالب المتعة للكاتبة فتيحة مرشيد على رفوف المكتبات هو عنوانها ، إنه عنوان مهم ومبهم ، محير ، مليء بالدلالات ، والإيحاءات ، عنوان إستعاري ينفتح على أكثر من تأويل ، وما الأدب إن لم يكن استعارة ، إنه عنوان يجعلني أطرح أكثر من سؤال : هل للمتعة ، التي نبحث عنها يوميا بلا كلل أو ملل وبكل الطرق والوسائل الممكنة ، مخالب ؟ وإن كانت لها مخالب متى تظهر ؟
ومن أجل إشباع هذا الفضول الذي قدح زناده العنوان ، من أجل الحد من هذا التشويش الذي أحدثه في كقارئ ومتلقي وجدت نفسي اقتنيت الكتاب وتوجهت به صوب المنزل حيث تحلو القراءة وأنا أتلهف التلهف كله لإسكات هذه الأفكار التي تدور في الرأس، وذلك بالإطلاع على هذه الرواية ، وبهذا يكون العنوان قد حقق وظيفتين :
محمد الطوبي، شعرية الغواية والانقياد لسلطة العشق - د. امحمد برغوت
بين تاريخ صدور بواكير دواوين محمد الطوبي، وصدور ديوانه: "غواية الأكاسيا"(1) ثلاثة عقود من الزمن تنقل فيها بين الهموم الذاتية، والهموم الوطنية بحكم تفتق وعي الذات المبدعة على ما كان يشغلها حينما كانت الآفاق مشرعة على المستقبل الحامل لبشارات الأضواء التي بدأ يخفت وميضها مع مرور الزمن، لتسلم الشاعر إلى نوع من الارتداد إلى هواجس الذات المهزومة التي تتجاذبها رغبات يومية بسيطة.
غير أن هموم هذه الذات المنهارة بحكم قساوة الواقع المر وفظاعته، لم تتخلص نهائيا من الأحلام التي كانت تؤرقه حين كان- مع رفاق له- يؤمنون بحتمية تحققها.
ومن ثم جاء ديوانه: "غواية الأكاسيا" نسيجا متساوقا مع هذه الأحلام.
وهي على بساطتها أحلام ثلاث.