fort-boreal* إنَّ قراراً شجاعاً للوصول إلى الذروة يعتمد على قوّة البصيرة
                 
هذه المقولة ليست صورة تجل صوفية فقط، ولكنها أيضا رؤية وجودية وفلسفية للشاعر كريم ناصر حول  الكتابة والأدب والشعر بالخصوص. والشاعر كريم ناصر شاعر عراقي من مواليد الكوت محافظة واسط، يقيم في هولندا منذ سنة 1989. من مؤلفاته في الشعر: ديوان " بين حدود النفي " الصادر سنة 1988، وديوان " بُرادة الحديد " الصادر سنة 2000، ثم ديوان " أرخبيل الحدائق " الصادر سنة 2006 .  ويواصل كريم ناصر مشروعه الشعري بديوان جديد صدر هذه السنة 2013 ، الديوان موسوم بعنوان " نبتة يدي غابة شوكية ". التقينا الشاعر كريم ناصر الفتى المتمرد _ المهادن الذي يحمل في كلماته عبق مياه الفرات المتجددة دوما، و الرائحة المعتقة لحدائق بابل، فكان لنا معه هذا الحوار:

مصطفى الحمداوي    

* إخترت قصيدة النثر لتشتغل بواسطتها على مشروعك الشعري، هل نفهم كلّ الأشكال الشعرية الأُخَر لم تعد تلائم طبيعة الخطاب الذي تود إيصاله إلى القارئ، أم أن قصيدة النثر فرضت نفسها فعلاً في هذا الظرف التاريخي، بدليل أنّنا أصبحنا نعيش عالم الرقميات والتكنولوجيات الدقيقة سريعة التطور؟

mozaffar((ما أظن أرضا رويت بالدم والشمس كأرض بلادي
  وما أظن حزنا كحزن الناس فيها
  ولكنها بلادي
  لا أبكي من القلب
  ولا أضحك من القلب
  ولا أموت من القلب
  إلا فيها .........))      
                                  ( مظفر النواب )
                            من ديوان ( للريل وحمد )

المنجز الشعري العامي للمبدع الكبير " مظفر النواب " ليس بحاجة إلى قاريء بل إلى " قرّاء " ، ويمكننا القول أيضا أنه ليس بحاجة إلى ناقد بل إلى " نقّاد " وشتان بين " فاعل " و" فعّال " . هذا ما نحتاجه لكي " نقرأ " هذا المنجز بصورة صحيحة ودقيقة من الناحية الأسلوبية ، مبنى ومعنى ، خصوصا من وجهة النظر اللغوية  النفسية التحليلية  ، حيث لم تكتشف خفاياه اللاشعورية الهائلة والتي في حالة الإمساك بها فإنها لن تغني ثراء البحث النقدي لمشروع النواب وهو مشروع حياة كاملة حسب ، بل تمسك بالعوامل الحاكمة المستترة التي شكلت منجزه الإبداعي وتفتح مغاليق نصوصه التي لم يغص النقاد في طبقاتها العميقة .

and-whiteلا خلاف في كون عمر القصة القصيرة بالمغرب، مقارنة مع باقي أشكال وأجناس الإبداع، هي بنت بكر ، إذا جاز التعبير، لكنها مالبثت أن تمردت على كل الأنساق لتصير فنا أدبيا قائم الذات بكتابها وروادها وقرائها المتميزين.
ومما ساهم في تدويل وانعكاس هذا الجنس على وعي الإبداع والمبدع معا هو حضور التفاعلات المجتمعية الطارئة على مغرب القرن الماضي، حتى أصبح بالشكل الراقي الذي هو عليه اليوم، سيما تلك المناولات على مستوى الطروحات الفنية والجمالية.
لا نروم من خلال هذا الاستطراد تقعيد سياقات ظهور فن القصة القصيرة بالمغرب أو تطورها بقدر ما نتوخى من هذا المدخل أن يكون بوابة لاقتحام عوالم الكتابة النسائية عبر الوقوف على بعض القضايا التي أثارتها مجموعة " نحيب الملائكة "  القصصية (1) للقاصة المغربية هند لبداك، مركزين في هذه المساهمة على قضية حضور المرأة ومدى انعكاسها على وعي الكاتبة التي راهنت في هذا الإبداع الخاص على صوتها المتميز ركوب غمار تجربة جمعت بين دفتيها ما أسماه الناقد نور الدين صدوق ب" التنويع على الواحد ".

BOUCHIKHAعرفت القصة القصيرة جدا تراكما كبيرا في السنوات الأخيرة بالمغرب والعالم العربي مما يشي بأهميتها من جهة، وبإقبال العديد من المبدعين عليها الذين استهوتهم، وملكت عليهم أفئدتهم ومن المؤكد أنهم ألفوا فيها ذواتهم وضالتهم.
فهذا النمط من الكتابة يعتمد تقنيات جد مدققة ومضبوطة كالتكثيف المتاخم للشعر، لكن القائم على الإيحاء والإيماء، الإحالة والإبهام.
وتعرف الدكتورة سعاد مسكين في "القصة القصيرة جدا إشكالية المصطلح وتطرف الممارسة" هذا الجنس قائلة: "تعتبر القصة القصيرة جدا جنسا أدبيا حديثا عرفه المغرب نتيجة تطور السيرورة التاريخية لفعل الكتابة، نظرا لخضوعها لمتغيرات ومتطلبات الحياة الجديدة التي أضحت تؤمن بالوجبات السريعة، وأكلة في دقائق والسفر بالكبسولة ... لهذا صار هذا الكائن المستحدث في حاجة ماسة وضرورية كشكل تعبيري، يلتقط اللحظات المنفلتة والأحداث الومضة، بكثافة لغوية وبلاغة رمزية، تعبر عن هموم الإنسان العادي والهامشي، ولعل من بين الإشكالات التي تثيرها ق ق ج أنها هي أيضا يصعب الإمساك بها، توحي دون أن تقول كل شيء، تتلون بألف لون، حرباء" (1).

jzt37cmعرفت كتابات الاعتقال السياسي بالمغرب في العقود الأخيرة، مسارات متنوعة، نظرا لاختلاف السياقات التي تتحكم في كل تجربة على حدة (تجربة اليسار الجدري، تجربة تزممارت،...)، وكذا الملابسات والتداعيات المميزة لكل ملف من ملفات الاعتقال.

بناء عليه، فإن للتجربة التزممارتية خصوصياتها ومميزاتها التي تنفرد بها عن مثيلاتها من التجارب، وهذا ما تجسده الكتابات/الشهادات التي ألفها بعض الناجين من جحيم تزممارت، واستنادا إلى هذه النصوص يمكن الإمساك بمظاهر هذه الخصوصية التي سنقتصر في هذا المقال على تجل من تجلياتها المتمثل في البعد النضالي وآليات الصمود الأسطوري لدى معتقلي تزممارت.

لقد تم حشر المعتقلين/العسكريين في المعتقل الرهيب (تزممارت) الذي يضم زنازن فردية لا تقي حرا ولا بردا، وتنعدم فيها أبسط شروط الحياة البدائية، لأنهم شاركوا في انقلابي الصخيرات (الذي قام به مشاة أهرمومو 1971) والطائرة الملكية (الذي قام به طيارو القاعدة الجوية بالقنيطرة 1972) وانطلاقا من هذا، نلاحظ أننا أمام صنفين من العسكريين: صنف أول يمثله المشاة، وصنف ثاني يمثله الطيارون، والرابط المشترك بين أعضاء كل صنف من هذين الصنفين هو التراتبية العسكرية التي تنبني على الصرامة والطاعة العسكرية والإذعان للأوامر. أما فيما يخص العلاقة بين الصنفين أي بين المشاة/المعتقلين، والطيارين/ المعتقلين، فإن منهم من لم يتمكن من التعرف على ملامح وجه رفيق له في المحنة إلا قبل الخروج من تزممارت بقليل.

إنّ الالهام لا يأتي عادة إلآّ على خلفية عمل قاس جدا ماكس فيبرabstrait noir mini
المرأة هي الطيف السماوي الذي هبط الأرض ليؤجج نيران الشباب ويعلم البشرية طهارة النفس وجمال الحنان  أبو قاسم الشابي
ما سرّ لمسته الحنون المبدعة حنين ص: 47
أعيش فيها عالمي المنشود، عبر التخييل، عبر تحطيم الحواجز والحدود حنين ص: 15

استهلال غير مألوف:  اليقظة الشعريّة فسحة للمعرفة
بالأمس كان كلّ شيء قد تبدّل في ذهني: الليل، النهار، تواتر الفصول والحلم هذه المذكرات تعيد كل ما يطمس آلامي. كلّ حكاية لا تؤثر إيجابيا في عزمي واستنهاضي يقذف بها في أتون الحريق. حينئذ ما عدت أتكلم عن البحث العلمي بصرامته وصلابته. وإنّما أردت أن أذهب قريبا في طفولتي النرجسية المتوحشة بمخالب براءتها الموغلة في اِبداع لحظة شاعرية أو تخييل لعقل وعقلنة لتخييل توقظ فيّ إنسانيتي. ذلك أني جئت على عجل أحاول إرساء منحى جديدا في التعامل بلغة الحلم الورديّ ينبت في مفاصلي وشراييني.

 166029 mmmm'شعر محمود درويش.. إيديولوجيا السياسة وإيديولوجيا الشعر' كتاب للباحث شكري عزيز ماضي يحذّر من تحويل الشاعر إلى أسطورة أو اختزاله في مصطلحات.
حذر الباحث الفلسطيني شكري عزيز ماضي في كتاب له صدر أخيرا من أمرين بالنسبة إلى دارسي ومحبي أدب الشاعر الراحل محمود درويش، هما تحويله إلى أسطورة من جهة واختزاله في صورة مصطلحات معينة من جهة أخرى.
وكان الدكتور ماضي يتحدث في كتابه "شعر محمود درويش.. إيديولوجيا السياسة وإيديولوجيا الشعر". الكتاب ورد في 157 صفحة كبيرة القطع وصدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان.
في الفصل الاول الذي عمل عنوان (الخيال السياسي والخيال الشعري) قال الكاتب ان لتجربة درويش الشعرية ظواهر مهمة منها انها ولدت "ونمت وتطورت في حضن صراع سياسي طويل ومعقد وهو صراع له أبعاد فكرية وحضارية وإنسانية... وتنهض تجربته الشعرية على مجموعة من المرتكزات من مثل: الشعر/ الانسان/ الحرية/ المكان/ المتلقي/ المستقبل".

POES-MAتلوح لنا الجماليّات الجديدة التي يبدعها الشعر المغربي، منذ ما بعد الثمانينيات وإلى الآن، جديرة بالتأمُّل، لأنها قطعت مع ما سبقها، وكرّست وعياً جديداً بالمسألة الشعرية برُمّتها، بعد أن رفعت عنها السياسي والإيديولوجي، ويمّمت بوجهها شطر المغامرة، حتّى أنّ ما كان مُتخفِّياً ومأمولاً يصبح أكثر حضوراً في تجربة الراهن. لكنّ النقد لم يخض فيها بعد. فإذا كانت تجارب شعرنا السابقة قد أُثيرت حولها نقاشات، واحْتُفي بها من قبل الدارسين بنسبٍ معقولة، مثلما كانت أصواتها مكرَّسة وذات رمزيّة بحكم ارتباطها بمشاريع ومؤسسات كانت تعتبر الموضوع الشعري، الرِّسالي تحديداً، امتداداً لخطابها، فإنّ تجربتنا الشعرية الراهنة تتكلَّم اليُتْم، وتُواجه العماء، مثلما أن كثيراً من أصواتها لم تُسمع، أو لا تُسمع إلا بالكاد. من هنا، يُجهل لحدّ الآن ممّا فيه اعتبار داخل الراهن الشعري.