arton10726يبدو عالم كمال الرياحي الروائي متجذّرا في واقعه إلى درجة التماهي وقد برز ذلك واضحا منذ روايته الأولى " المشرط" ، لقد بدت رؤيته للعالم و الوجود متماهية مع المعيش اليومي الذي تمثله فئة المهمَّشين والمَقْصِيّين رغم تَمظهر بعض التجليات التخييلية ولكن هذا العالم الروائي تكامَل و توضَّح في الغوريلا رؤيةً واضحة متكاملة للإنسان والوجود و كأن ملامح هذه الرؤية هي أشبه بلعبة "بازل" تتكون أحجارها شيئا فشيئا لتجعل القارئ يجول في الحيز و يلاحق الحدث ليكتشف المسكوت عنه المتواري خلف لغة مشحونة متقنة . لقد تناولت عديد الدراسات النقدية الناحية الدلالية الأكثر حضورا في الرواية أعني بذلك صورة المهمَّشين وأبعادها السياسية غير أن الذي يجعل الرواية علامة فارقة في الحركة الأدبية التونسية المعاصرة ليس جدة الحدث أو طرافة الموضوع فحسب بل إن ما ميزها هو تنوع الأدوات السيميائية الفنية التي وُظفت لكشف و تكثيف الدلالة مما أجبر العنصر الميتاسردي على البروز في نهاية الرواية وكأنه كان على مدى الأحداث يحرك شخوصه و سارِدِيه من وراء حجاب أو بالأحرى من وراء حيّز هذا الحيز الذي بدا في الظاهر متواريا في فعله السردي ولكنه حاد عن دلالاته الكلاسيكية بان أصبح فاعلا رئيسا في شحذ المعاني و إصابة الحاف منها .

visuel6لا يمكننا الحديث اليوم عن الرواية دون أن تداهِمنا عبارة ( موت الرواية) المعتمدة في توصيف أزمة هذا الصّنف من الأدب أُسْوة بمقولة موت الشعر الشهيرة. أما السرّ في إطلاق تلك المقولة فكان في الأصل موصولا منذ عقود بانقراض بعض الأشكال المهملة من الرواية وتعويضها بأنساق جديدة من المخيال  تتنامى وتتفاعل عبر الصّيرورة،  من خلال ما تم التوافق عليه  بمسمّى الرواية الجديدة التي  دأبت على تكسير أنساق الحكي القديمة، وتعويضها بمخيال دينامي يتحرك من خلال مرايا السرد وبؤر التأمل الداخلية، وعبر حوارية النماذج والأشكال التي يتسع لها صدر الرواية. وهذا ما قصده (باختين) من التأكيد على الطابع النمائي للرواية باعتبار أنّها الجنسُ الوحيد الذي يوجد في صيرورةٍ ومازال غيرَ مكتمل.)(1)   

canvas-art--    الفعل القرائي للفضاء السردي:
إن الهدف من أية مقاربة نقدية للنص الإبداعي، ليس هو إيجاد قراءة مطلقة وصيغةٍ نهائية للتلقي، تجعل الملفوظَ السرديَّ لا يقبل غير ممارسةٍ نصيةٍ واحدة تخضع لسلطة النص، وإنما الهدف من أي قراءة ومقاربة هو الاحتفاءُ بالنص الروائي واستنطاقُ مكوناته، ومحاورةُ العمل الأدبي ضمن مستويات التحليل والتأويل المختلفة، والوصول إلى رؤية" هي خلاصة الفهم الشامل للفعالية الإبداعية في نواحي النسج والبنية والدلالة والوظيفة"[1] سواءٌ تلك المرتبطةُ بالدلالةِ أو مستوياتِ القول أو الاستيتيقا أو التحليلِ البنائي أو السيميائيِّ أو الأسلوبي، فالنصُّ كما يقول أمبرتو إيكو:"كونٌ مفتوح"[2]، وفهمُ النص أو تأويلُه يكون حسب تعبير دريدا بـ"إعادة بناء الدلالة القصدية للنص"[3].وفي هذا الصدد سنشتغلُ على رواية "توأما سيدي مومن" لأحمد بوشيخي، والتي ترجمها ذ.عبد الرحيم كلموني ترجمةً أضفتْ على النص جماليته ورونقه ولذته، نُقاربُ فيها أهمية الفضاء السردي في بناء المعنى وتوليد الدلالة، الذي يُعدُّ عنصراً سرديا أساساً في البناء العام للمحكي، وكذا المحركَ البؤريَّ للمتخيَّل السردي في الرواية، "فللمكان قدرة على التأثير في تصوير الأشخاص، وحبك الحوادث، مثلما للشخصيات أثر في صياغة المبنى الحكائي للرواية"[4] .

abstr7777إن ما دفعني لمشاهدة فيلم "عاشقة من الريف" لمخرجته السيدة نرجس النجار هو عنوان الفيلم، خاصة وأن السيدة المخرجة جمعت بين اصطلاحين: العشق، باعتباره سموا عاطفيا، من جهة، والريف، كمنطقة تقع في شمال المغرب، من ناحية ثانية، إذ يكفي أن يتلفظ المرء  بلفظة "الريف" حتى تتفجر أمامه ينابيع شتى: معركة أنوال، محمد بن عبد الكريم الخطابي، جمهورية الريف، الغازات السامة، ملحمة 1958...، كيف لا والمخرجة قد جمعت بين الحسنيين (العشق- الريف) في شخص امرأة عاشقة تَنْتَسِبُ لمنطقة الريف.
هذا ما تبادر لذهني وأنا أطالع ملصق الفيلم، لكن خيبتي كانت كبيرة وأنا أشاهد فيلما تحاول صاحبته العزف على الوتر الذي لا تجيد سواه، نشاز الجنس المبتذل عبر ممثلات نكرات، كل هَمُّهُنَّ هو  اللًّهاث نحو الشهرة الزائفة والتكالب على مكاسب واهية.

totalement-abstraitمقدمة:
     إن رصد التجربة الشعرية عند شاعر مغربي أصيل مثل أحمد المجاطي، كانت غايتها أولا مساءلة التجربة الشعرية المغربية في معاناتها واستكشافها، نظرا لأن القضايا المرتبطة بهذه التجربة لطالما ظلت معزولة نظرا لغناها ولأنها أوسع من أن تحيط بها الأبحاث التي تم إنجازها إلى يومنا هذا. فالعديد من الأشعار التي تستحق الدراسة تبقى طي النسيان. وتعرف السنوات الأخيرة تراكما فيه كثير من الحشو، لا يمكن أن ندمجه كله في باب الشعر. وتكاد الدراسات التي تتناول الشعر المغربي بالبحث محصورة كميا والإشكاليات والقضايا التي تتناولها ما تزال تحتاج إلى المساءلة والدرس، بماجد من الدراسات النقدية الحديثة بتوجهاتها المتعددة. رغم ذلك فقد عرف الشعر المغربي كيف يفرض مكانته داخل خريطة الشعر العربي بل حتى الشعر العالمي. ويبقى مع كل هذا الجهد على مستوى الكم والكيف، يثير أكثر من سؤال؟

port-en-andalousieتحيلنا المعاجم العربية في مادة’’رحل’’التي اشتق منها اسم ’’الرحلة’’على معنى السير والمضي،ففي معجم لسان العرب’’الرحلة اسم للارتحال ،للمسير.يقال دنت رحلتنا،ورحل فلان وارتحل وترحل’’1،وهو نفس المعنى الذي نجده في معاجم كثيرة آخرها المعجم الوسيط.فرحل عن المكان،رحلا,ورحيلا،وترحالا،ورحلة,سار ومضى,،.وبالتالي فان المعنى اللغوي الذي يتم الخلوص إليه من التعريفين السالفين،هو أن الرحلة تعني السير والتنقل من مكان إلى آخر.
  أما اصطلاحا فلن نكون متجاوزين إذا قلنا إنه لايوجد تعريف حاسم للرحلة،وإنما هي مجموعة من التعاريف المتعددة والمختلفة. وهو أمر يرجع إلى الى كون القواميس العربية لم تخصص لهذا المفهوم حيزا في صفحاتها،ولم تعتبره مفهوما ينهض إلى جانب المفاهيم الأخرى الدارجة في حقل الأدب والمعرفة عموما.

abstract sci fi نعيش اليوم في عصر غدا فيه التقدم العلمي ظاهرة لافتة في حياتنا وصار على الأديب أن يعكس في أعماله صورا لذلك التقدم الحضاري،وقد ظهر أثر هذا في – أدب الخيال العلمي- الذي جمع بين العلم والخيال، إنه موضوع الساعة كما يقال، فضلا على مدى استجابة أعمالهم لهدا التقدم الحضاري الملقى على عاتقهم، وكيف يواكبون أحداث الاكتشافات العلمية في مجالات عديدة ، مما يزيح اللثام عن الإنسان وطموحاته وآماله، ومخاوفه.

فما هو هذا الأدب إذن؟يعد أدب الخيال العلمي من الآداب الهامشية التي لاقت انتشارا كبيرا في أواخر القرن التاسع عشر ميلادي رغم عدم اعتراف المؤسسة الرسمية به، فرواجه كان أكثر في القرن العشرين تماشيا مع الثورات العلمية والتكنولوجية، ولقد عرف هذا المصطلح – الخيال العلمي- تداخلات وتقاطعات مع أجناس أخرى كالفنتازيا واليوتوبيا " فالفنتازيا تتقاطع مع الخيال العلمي في الأسلوب والمضمون، كما يتماس الخيال العلمي مع الفانتازيا عندما تكون الحكاية في المستقبل البعيد أو أن تقع في عالم آخر *-مثل حرب النجوم- حيث نجد مما وراء الطبيعة وأفكار علمية إضافية،أما تقاطع الخيال العلمي مع اليوتوبيات* فهو أمر معروف في الأدبيات المعاصرة، يرتبط الخيال العلمي غالبا بمعالجة مظاهر التطور التقني والاجتماعي، فتقوم اليوتوبيا على أفكار سياسية وفلسفية صريحة للمجتمع" [1]

creative-abstractتعد القصة القصيرة جدا من الأجناس المندرجة ضمن آرومة السرد، والناتجة عن تنامي الأشكال وتطورها، والمؤكدة على دينامية الجنس السردي ذلك أنها انبثقت من داخل القصة والقصة القصيرة، فجاءت استجابة للتجريب، وامتصاصا لغضب الحفاظ على نفس الأشكال والثوابت، دون أن يعني هذا الكلام أن القصة القصيرة جدا هي نسخة طبق الأصل للقصة أو للقصة للقصيرة، ذلك أن كل جنس له فرادته، ويبني جماليته الخاصة انطلاقا من الاستجابة لتحولات الأشكال البنائية وآفاق التلقي. فللقصة القصيرة جدا أركان ضمنت لها التميز والتفرد أمام بنات جنسها، وهي الأركان التي تم اختصارها في القصصية والجرأة والوحدة والتكثيف والمفارقة.