كثيرا ما يُنظر إلى فعل الكتابة عند مصطفى صادق الرافعي من منظور إيديولوجي يختزل الجمال وأناقة الأسلوب في الفكرة، أو العكس حيث تغيب الفكرة أمام غلبة بلاغة القول ورونقه، وذلك يعود إلى سبب كون الكاتب يمزج في أفق الفعل الكتابي بين صلابة الأسلوب وانسيابه وبين عمق الفكرة التي تمتح من مرجعيات ومشارب متعددة، أبرزها الديني و الفلسفي والأدبي، مع غلبة بيِّنة للنفس الإيماني الديني في الصور و الأحكام والآراء...
غير أن هذه الغلبة ما يجب أن تمنع كل شرائح القراء باختلاف مستوياتهم وباختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية والوجدانية والعقدية من التلذذ والاستمتاع بمستوى راق من النسج، تظهر فيه اللغة العربية في مظهر اللغة الماتعة الراقصة، إننا حين نواجه نصوص الرافعي يكون الأفضل لنا ( لأجل قراءة ألذ) أن نتخلى عن تلك الخطاطات الذهنية المُسبقة التي تصنف الكُتّاب (والكاتبات) ضمن خانات ضيقة، إما باعتبار الانتماء الديني أو السياسي أو الفكري الفلسفي...إلخ.
حول الفن وعصبيات قراءته.. 1 ـ فاتن نور
السؤال عن الفن، عن قراءته وفهمه، تذوقه والتفاعل معه؛ يحيلنا الى السؤال عن الجمال، وعلم الجمال "الاستطيقا"، الذي ظهر بمعنى "فلسفة الجمال" لفهم الظواهر والخبرات الجمالية وتفسيرها، في القرن الثامن عشر؛ في مؤلف الفيلسوف الألماني بومجارتين "تأملات فلسفية في ماهية الشعر".
وقد خاض الفلاسفة والمفكرون، الأدباء والفنانون، القدامى والمحدثون؛ في ماهية الجمال وسؤاله الملح "ما الجمال". هل هو موجود موضوعيا لذاته فيما ندركه من موجودات، أم هو صورة عقلية كصورة الخير والشر. والشق الأخير هو ما ذهب إليه افلاطون وثلة من الفلاسفة. فيما ذهب الفيثاغوريين الى التماثل والنظام في فهمهم للجمال، وذهب سقراط الى ربط الجمال بالأخلاق والعدالة والخير والمنفعة. وفي عصر النهضة رأى كانط الجمال أو النشاط الجمالي بشكل آخر، فهو اللعب الحر للخيال العبقري من وجهة نظره.
اشتغال اللغة وبؤس النموذج الأنثوي في: "علاقة غير شرعية"* و "أنوثة مدنسة"** ـ المصطفى السهلي
سعدت كثيرا بالدعوة الكريمة التي تلقيتها من صديقي وأخي الفاضل الأستاذ محمد كروم، للمشاركة في أشغال ملتقى تارودانت الوطني للقصة القصيرة... وكيف لا أسعد وأنا مدين لهذه المدينة بأفضال كثيرة علي؟.. أجلها أنني تعلمت بين أسوارها وفي العرصات المجاورة لها كيف أخطو خطواتي الأولى الخجولة والمحتشمة وأنا أتهجى أبجديات الكتابة الأدبية والهم الإبداعي.. المدينة التي انطلقت منها أول مناظرة وطنية للثقافة في 1986، لتنخرط في صمت، ولكن بإصرار وتحد كبيرين، وبعزيمة لا يفلها إلا الحديد من قبل رجالات أمسكوا بأيديهم جمرة الإبداع، وساروا على خطا الأجداد في هذه الحاضرة التي يشهد لها التاريخ بالمجد والمكانة الرفيعة بين حواضر المغرب..
النص الحربـائـي :قراءة موازية ل«قصة حب دكالية» لسعيد عاهد- د. ناصر السوسي
الكتابة بالنسبة لسعيد عاهد ضرورة وجودية بمعنيين: فهي ضرورة لتوليد المعنى من جهة، وضرورة لنزع طابع الغرابة عن عالم مدهش يبدو مثل«خشبة مسرح في حاجة إلى توضيب جديد»(ص:3) من جهة ثانية. وبحسبان الكتابة بهاتين الأهميتين القصويتين؛ فإنها بالنتيجة استراتيجية للاحتماء من ضوضاء العالم وجلبته، وكذا من الدناءات الحقيرة التي تتربص بنا، وتتحين فرصة الدبيب إلينا متقصدة تعكير صفو إنسانيتنا؛ أو مبتغية الاعتداء على آدميتنا. وكيف لا وسعيد عاهد شاعر مرهف الإحساس، مسكون بالفن والإبداع حتى النخاع؛ لئلا تقتله رداءة الرعاع؟
ما أكثر من يتحدث بين ظهرانينا عن الحاضرة التي يقطنها! لكن بالمقابل ما أقل من يتساءل عن المدينة التي تقيم فيه ب «صباحاتها» وفضاءاتها اللامتناهية، وأساطيرها الضاربة في عمق التاريخ، بهندستها، ودروبها وأزقتها، وقاطنيها، وبآثارها، ورياح شطآنها القادمة من الأفق القصي... بكل ما فيها، وبكل ما ينبض فيها...مازاغان«المعدن ذاك وهب طفولتنا القدرة على السباحة بكل اللغات في كل اللغات»(ص:6).
أكاديميون ونقاد عرب يناقشون في ملتقى الرواية بأكادير: الفانطاستيك والعجائبي في الرواية العربية ـ محمد العناز
نظمت رابطة أدباء الجنوب ضمن فعاليات ملتقى أكادير للرواية العربية ندوة نقدية حول"الرواية العجائبية" بمشاركة عدد من الأكاديميين والنقاد المغاربة والعرب، وبحضور لافت لعدد من الروائيين من مختلف الجغرافيات الإبداعية. وقد تميزت الجلسة النقدية التي أدارها الدكتور عبد السلام أقلمون بعدد من المداخلات افتتحت بورقة للناقدة عبلة الرويني رئيسة تحرير جريدة أخبار الأدب التي مهدت لمداخلتها بالفنتازيات التي تشهدها مصر، فالمشهد عجائبي مفجع ينتج صورا غير متوقعة وهو جزء من الفنتازيا التي تتسم بقدرتها اللانهائية على إنتاج صور وخيال، وصدمات وتمزقات ومفاجئات غير مألوفة لا تكاد تحتمل في الواقع، ذلك أن الخيال يواصل ابتكاراته وشطحاته من خلال توظيف السياسي في خدمة الخيال، وتوظيف الخيال في خدمة السياسي.
في ديوان " فقدان المناعة " للشاعر عبد السلام دخان ـ خالد البقالي القاسمي
ديوان " فقدان المناعة " مجموعة من النصوص الشعرية الجميلة، صدر في طبعته الأولى للشاعر المغربي عبد السلام دخان عن مطبعة الخليج العربي بمدينة تطوان بالمملكة المغربية سنة 2011، ويقع الديوان في ثمانين صفحة، قسمه الشاعر إلى قسمين: - القسم الأول: صور مختلة ويضم اثنتا عشرة قصيدة، - القسم الثاني: تفاصيل شائكة ويضم أربع عشرة قصيدة.
يتميز الشاعر عبد السلام دخان بكونه يمتلك الشجاعة والجرأة للكتابة شعريا عن موضوع يعتقده الكثيرون من الأسرار الخلفية التي من المفروض أن تطوى بين الجوانح ولا يصرح بها أمام الجميع، طبعا يجب أن نكون على يقين ونحن نتتبع ديوان الأستاذ دخان بأن كتابته الشعرية عن فقدان المناعة تتزامن في سياقها الاستعارة والتصريح، الجمال والحقيقة، الفن والواقع، حيث أفلح الشاعر في الكتابة عن الموضوع ضمن سياق شعري جميل ومثير بواسطة لغة شفيفة وجميلة تتميز بالوضوح دون التواء أو غموض، وتشير مباشرة إلى المقصود ضمن رؤية واعية ومحددة.
مقدمة في نظرية القراءة ـ نورالدين حيمر السفياني
ظلت نظرية الأدب و لحقب طويلة من تاريخها تولي عناية فائقة للنص الأدبي في علاقته بالمؤلف أو السياق المرجعي و قلما كانت تلتفت إلى القارئ . لقد غدا القارئ كائنا منسيا و غدت معه القراءة فاعلية هامشية لا تكاد في أحسن أحوالها، تخرج عن دائرة الانفعال، و رد الفعل، كما كان الأمر قديما مع شعرية أرسطو حينما عرف المأساة، و جعل وظيفتها منحصرة في ممارسة التطهير النفسي للمتلقي، و ذلك من خلال التخلص من العواطف الضارة عن طريق مشاهد الفزع و الخوف و الألم ....
إن القارئ باعتباره أحد المكونات الأساسية في عملية الإبداع الأدبي، لم يأخذ مكانته في نظرية الأدب كفاعل و مشارك في صناعة المعنى إلا في الأزمنة الحديثة، و قد ترافق هذا مع هبوب رياح الحداثة على الأدب، و ظهور تيارات فكرية و نقدية جديدة كالبنيوية و التفكيكية و جمالية القراءة، و غيرها من مدارس الأدب التي عملت على تجسير الفجوة العميقة بين النص الأدبي و ارتباطاته الإنسانية العميقة.
قول في قصيدة النثـــــــــــــــــر ـ حميد الحريزي
الشعر هذا الدفق الشعوري الانساني، الذي جاء كالنبع الصافي من رحم ارض تغلي اعماقها فوارة بالحمم البركانية ، من اجل ان يخفف الضغط النفسي القهري عن الذات البشرية ، وما تتعرض له من الضغوط ، البيئية، والمناخية والغذائية ووضعه تحت طائلة الخوف والتوجس والتوتر الدائم في حياته البدائية ............
كل هذه الظروف وتناغما مع الظواهر الطبيعية وانسجاما مع حدوثها والإيقاع الموسيقي المصاحب لها ... هطول الامطار ، صفير الرياح ، حفيف الاشجار ورفيف اجنحة الطيور وخرير المياه ووو...الخ
وَلدَ لدى الانسان احساسا ((شعري)) معبرا عن هواجسه وإحساساته وتناغمه مع ما يحيط به من ايقاع كوني يتناوب بين زلزال عاصف او بركان ثائر او نهر جارف او انسياب نبع هادئ ورفيف اجنحة فراشة هادئ او تغريد بلبل ساحر ... كانت للإنسان ايقاعاته وتعبيراالنثر كونهاات الايقاع المنتظم / كابن لطبيعة يعيش في كنفها ويتأثر بمؤثراتها، أي بين الصراخ والانفجار وبين الاتسياب والهدوء ....