يؤثث الروائي المغربي الميلودي شغموم متحفه السردي برواية جديدة تحت عنوان : ريالي المثقوب 1 . و يحفل النسق الروائي عنده بالحياة الاجتماعية المغربية في مختلف تجلياتها و أبعادها ، حيث يرسم الروائي تضاريس هذه الحياة و يعين معالمها عبر سيروراتها التاريخية ، و يصور آثار الواقع على الإنسان المغربي فردا و مجتمعا ؛ بتمثيل ذلك من خلال تلاوين حكائية و مصائر سردية .. و بهذه الصورة يصبح الخطاب الروائي تأويلا للعالم من جهة الروائي و نافذة ينظر من خلالها القارئ إلى تلك الحياة. في هذا النص الجديد، يرصد الروائي جانبا من الحياة الاجتماعية أو التاريخية للإنسان المغربي؛ يتعلق الأمر بالهجرة داخل الوطن، و ما لها من أبعاد و آثار نفسية و اجتماعية و ثقافية و اقتصادية... فقد تكون الهجرة اختيارا فرديا ، تحدث بمحض إرادة الذات و رغبة من الفرد في الانتفاع مما تحققه الهجرة من منافع مادية أو معنوية ...
عزف منفرد : دراسة في جماليات خطاب الموت في جدارية محمود درويش ـ مصطفى الغرافي
يمثل درويش حالة شعرية متميزة في تاريخ الأدب العربي قديمه وحديثه نظرا لما امتلكه من سلطة رمزية ومرجعية، كرسته باعتباره الوريث الشرعي للقصيدة العربية وما راكمته من تراث فني وجمالي عبر العصور. لقد استطاع هذا الشاعر أن يرسم لنفسه –وبفرادة- خارطة خاصة في جغرافيا الشعر الحديث، كما استطاع أن يحفر لشعره خندقا عميقا في قلوب قارئيه قبل أن يحفره في أرض شعرنا الحديث. ولعل هذه الدراسة التي نخصصها لدراسة جماليات خطاب الموت في قصيدة الجدارية أن تنجح في القبض على معالم الكون التخييلي الذي شيده درويش في هذه القصيدة بوعي جمالي يقظ. فمن أبرز الغايات التي وجهت هذه الدراسة محاولة الكشف عن بعض الملامح التي صاغت الشاعرية الفياضة والمتدفقة التي يستشعرها قراء درويش من مختلف الأعمار والثقافات.
تثير قصيدة "الجدارية" لمحمود درويش سيلا جارفا من الأسئلة الحارقة التي تخص الوجود الفردي والمصير الجماعي. إنها رثاء استباقي لذات رقيقة حساسة حدقت طويلا في الموت واكتوت على نحو فاجع بالتواري والعدم. وهو ما سمح بتشكيل فضاء نصي يتسم بجدل متوتر بين الذاتي والكوني، الواقعي والخيالي، السردي والدرامي، الغنائي والملحمي، الغرائبي والفجائعي؛ فهذه القصيدة الأغنية والنشيد تتكئ على شرعية جمالية نسغها الحيوي سيرة شعرية تطمح إلى القبض على المستقبل/ المستحيل الذي يحتضن سؤال الوجود عبر لوعة الغياب وفجيعة الرحيل الكبير والأخير.
الروحانية، ثورة ضد لوحة "المشهد المسرحي" ـ عايدة الربيعي
يقول فاسيلي كاندنسكي : " كل عمل فني هو وليد عصره "
ان الفن الروحي أقرب مايكون إلى اجترار الذات منه إلى مخاطبة الآخرين وهو مانادى به الفنان كاندنسكي، فن لايتعرض لموضوع اللغة المشتركة بين الفنان والمجتمع ، انما يولد لأجيال لم تولد بعد. هو محاولة لإعطاء مظهر ميتافيزيقي غير علمي لمسألة الإحساس بالرضا أو مايعرف بأسم التطهر في الفن.
قبل الولوج في الموضوع لابد من معرفة أن الاحداث التي تفصل الفترات التاريخية الثلاث المتميزة من الوجهة الحضارية ،– الاقتصاد الطبيعي للعصور الوسطى المتقدمة، وفروسية البلاط في العصور الوسطى، والحضارة البرجوازية الحضرية- هي بظهور (طبقة النبلاء الفرسان المجندين)، مقترنا بالتحول الاقتصادي الطبيعي الى الاقتصاد الحضري النقدي، ونمو الحساسية الغنائية Lyrical" " وتحرر البرجوازية وبداية الرأسمالية الحديثة – هذه الاحداث ساهمت في تعليل النظرة الحديثة الى الحياة بدورأهم مما تسهم به كل المنجزات الروحية التي حققها عصر النهضة.
سؤال الحداثة : سؤال الأسئلة ـ أبو إسماعيل أعبو
بقدر ما ينوء مفهوم الحداثة في وضعنا العربي، بتلابس بين بنيته الاصطلاحية ومقاصده الدلالية، تنبهم حدوده، ويغدو مطية لمحامل دلالية متباينة ومتنافرة، تعوق الباحث عن تناوله من موقع المقاربة وإرهاف السمع لقضاياه، ما لم يبدد تلابسه ويرأب تصدعه.
إن هذا التلابس الذي يحرف الحداثة عن سويتها الحقيقية، ويأخذ بمخنقها إلى المدى الذي تفقد فيه كينونتها ودلالتها، ترتب عن عدم الاستيعاب الوجيه لسؤال الحداثة.
فماذا يراد بهذا السؤال؟
المشهد الثقافي في تونس بعد الثورة ـ فتحي العابد
الثورة في تونس غيرت فقط نظام الحكم ولم تغير الإنسان بعد، ولذلك مازلت محنة المهتم بالشأن الثقافي التونسي متواصلة بعد الثورة. مازالت ثورتنا لم تطح بعقلية وثقافة سلطوية منتشرة في المجتمع بقدر ماأسقطت نظام سياسي معين. ومن هذا المنظور يمكن القول بأن النتائج الثقافية للثورة التونسية لا يمكن رؤيتها بوضوح إلا إذا ركزنا أنظارنا فقط على الحراك السياسي في مرحلة الثورة وما بعدها، وهو حراك تمثله بشكل أساسي الديناميكيات الحزبية والعقليات الدستورية. أما إنجازات الثورة في ثقافة المجتمع فهي غير ملموسة، لأنه حسب اعتقادي أن الأحزاب الفاعلة في الساحة خاصة حزب النهضة الإسلامي الحاكم الذي عقدت عليه آمالها الشريحة الكبرى من المجتمع وتنتظر منه الكثير، لم يبذل جهدا في هذا المجال، ولم يراهن على الثقافة ولا يبالي بالعاملين فيها، ليس تنكرا لها، إنما تراخيا خوفا من أن يشوهها ذاك السواد الأعظم والظاهر اليوم من مثقفي تونس الذين تمعشوا بحرية قذرة في ظل نظام بن علي، وورثوا عنه عدم القدرة على التعايش مع اختلاف الرأي وإن ادعوا القطع معه، وهي كذلك لم تستطع ضم المثقفين الموجودين خارج حدود الوطن إلى صفها ليخطف منهم الساسة وحدهم زمام تلك المكانة، ولم تستخدم سلاح المثقفين لدعم مواقفها السياسية، والدليل على ذلك أن منابرها في الخارج لم تشهد صدى ولا حبرا للنخبة المثقفة، وبالتالي غدت أغراض السياسة ثابتة ومبادئ الثقافة متقلبة.. على غير العادة.
نعوم تشومسكي: إنسان في زمن انتكست فيه الإنسانية ـ عبدالصمد العاطي الله
قد يتيه المرء في تعريف هذه المعلمة الفكرية التي تركت و لا زالت تترك العديد من الإجتهادات و النظريات التي طورت إلى حد بعيد اللغويات النظرية و الفلسفة بكل فروعها, و هذا شيء عاد بالنسبة للإنسان صنف حسب فهرس مراجع الفنون و الإنسانيات كمرجع أكثر من أي شخص حي و كثامن شخص على الإطلاق.
حيث أن نعوم تشومسكي المزداد سنة 1928، لم يقتصر إنتاجه الفكري على اللسانيات و الفلسفة التحليلية كنظرية النحو التوليدي و مراجعة السلوك الفعلي لسكينر و تصنيف اللغات الشكلية (...) فقط، بل تجاوزه إلى إسهام عميق و متجذر كناشط سياسي حدد لنفسه مكانا داخل الثورة الفكرية ضد الإستغلال الأمريكي للشعوب و المعارضة الشديدة للسلطوية بكل أنواعها.
البلاغة والإيديولوجي : نظر بحثي في العلاقة الملتبسة بين المعرفة البلاغية والمطالب الإيديولوجية ـ مصطفى الغرافي
لعلنا نتفق جميعا على أنه لا توجد معرفة بريئة، فالحياد النصي وهم إيديولوجي والبراءة الفكرية ضرب من المستحيل، ما دام كل خطاب معرفي يهدف -بالضرورة- إلى تمرير حمولة إيديولوجية. إن الإيديولوجيا ثاوية في الخطابات جميعها، وليس ثمة خطاب – من وجهة النظر هاته- يمكن أن يعرى تماما من الإيديولوجيا. في ضوء هذا الفهم سنحاول في هذا البحث إجلاء العلاقة الملتبسة بين المعرفة البلاغية والمطالب الإيديولوجية.
في تلازم البلاغي والإيديولوجي:
إن المتتبع لنظرية الأدب وتاريخ الأفكار يستطيع أن يستخلص أن ارتباط البلاغة بالخطابات الإيديولوجية عامة، يمكن أن يرتد إلى السوفسطائيين الذين اشتهر عنهم استخدام "العتاد البلاغي" من أجل استغواء المخاطبين واستقطابهم[1]. وهذا التلازم بين البلاغي والإيديولوجي ليس منفكا عن الرغبة في السيطرة وبسط النفوذ، ذلك أن هاجس السلطة أي سلطة إنما يتمثل في تحصيل "الشرعية"، التي تضمن لسلطانها الاستقرار والاستمرار هو مطلب عزيز ليس يسلم للسلطة إلا بكثير من القوة والعنف، ثم ما تلبث السلطة أن تدرك –بتوجيه من حدسها الطبيعي وتجربتها الواقعية- أن السلطة لا تستطيع الاستمرار إذا اقتصرت على القوة والعنف لانتزاع الاعتراف بشرعيتها، فتتوجه –من ثم- إلى البحث عن أساس مكين يسند استقرارها ويضمن استمرارها. وليس من سبيل إلى ذلك إلا بتقبل الذوات السياسية تلقائيا للسلطة ومصادقتهم عليها على سبيل الرضا والموافقة، وليس على سبيل القهر والإرغام. وهو ما تفطن إليه جاك روسو – أبرز المنظرين لـ"النظرية التعاقدية" بين الحاكمين والمحكومين، فقد قرر في كتابه "العقد الاجتماعي" أن "الأقوى لا يبقى أبدا على جانب كاف من القوة ليكون دائما هو السيد إن لم يحول قوته إلى حق والطاعة إلى واجب"[2].
الحرب الطائفية جمر تحت الرماد : رواية "بيروت حب وحرب" لأكرم خلف عراق ـ موسى إبراهيم أبو رياش
الحرب الطائفية حرب مجنونة عمياء، فكل إنسان مشروع قتيل، فالرصاصة التي تنطلق لا تتأكد من هوية الضحية قبل أن ترديه قتيلاً.
تناولت رواية "بيروت حب وحرب" الحرب الأهلية اللبنانية التي اشتعلت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وما زالت تداعياتها وآثارها تنخر لبنان، وتهدد بانفجار جديد بين لحظة وأخرى.
موضوع الرواية ليس جديداً، ولكن الجديد أن يكتبها أردني لم يعش في لبنان، ولم يشهد تلك الحرب اللعينة، كما لو أنه أحد ضحاياها. ولا عجب فهذه الرواية هي نتاج معاناة عربي يتوجع من أجل لبنان، وينزف جرحه بغزارة كلما ألمَّ بلبنان خطب، فالجرح العربي واحد، وخاصة إذا كان يتعلق ببلد كان يوماً قبلة كل العرب، ومنارة للحرية والحب والسلام، فجرح لبنان يتسع على المدى من المحيط إلى الخليج. ويشير أكرم عراق إلى أنَّ 14 شباط 2005 اليوم الأسود الذي اغتيل فيه رفيق الحريري، والمشاهد المأساوية التي رافقت اللحظات الأولى للانفجار، هي الشرارة التي أشعلت لهيب الكتابة من أجل لبنان وشعب لبنان.