peinture-8هو اقتحام لزمن التمكين ....هو ارتحال هامس بالوطن....هو وجع مسيج بالانتظار...أو انتظار مسيج بالوجع...وأنا أصاحب بوحه المفلت من صفة التطابق والباحث عن هويته ضمن مسارات التعدد ...قابلني الألم الكامن في حرفه وذلك الحلم بالاسترجاع والتحقق ...هذا ما وجدته في نص الشاعر المصري الأستاذ محمد الخولي والموسوم بـ"عيد ميلادي"،فما يقوله النص؟

العنوان:"عيد ميلادي" يتشكل العنوان من ملفوظين ،فعيد تحمل دلالة الفرح والتجدد والسرور والبهجة...،وترد نكرة لتترك للمعنى الملحق أن يحدد هويتها ،وأما لفظة "ميلادي" فتدل على الانبعاث والتجدد والبدء....،إذ النسبة دلالة اعتراف بأن الهوية اللغوية في طور الإنجاز ،حيث تسعى الذات/النص لتجديد محدداتها وخصائصها وفق انفتاحات زمنية مختلفة،وكأن بالمنجز النصي يعلن ارتهانه للتشكل القبلي/البعدي حيث التحقق في الزمن الماضي ثم الاحتفاء بذاكرة لغوية ومحاولة استرجاعها في لحظة الذكرى حينما تلتقي أو تلامس تجدد الإعتبار التاريخي في راهنه المعاش ،ومن ثمة يعترف النص باحتوائه لعناصر الزمن المنقضي والزمن القادم في الوقت ذاته،حيث الهوية هي خليط متجانس بينهما،ومن ثمة فالنص يلتقي بهما من خلال المتعالقات الواقعية الآنية والتاريخية معا.

abstrait112النقد في عالمنا العربي دائماً مدان ومتهم، و لا تثبت براءته أبداً.. فإن كتب الناقد اتهم بالتحيز حيناً أو المعاداة حيناً آخر، وإن لاذ بالصمت صار متعالياً و إقصائياً.. ويتهم النقاد دوماً بإهمال النصوص الحقيقية، والتركيز على أسماء معينة، حتى تكاد تتخيل أن النقاد يتنافسون في ما بينهم في تناولهم للنص المحتفى به لكاتب لا تنقصه الشهرة ولا جوقة مطبلين، كلما نشر كتاباً جديداً، في حين نجد كتابات وأسماء لا يكتب عنها سطر واحد، والضحية دائماً هو النص...

القاص والمترجم المغربي المقيم في فرنسا (محمد المزديوي) يرى بأن هذه الحالة المَرَضية أمر واقعٌ حتى في  فرنسا، ولعل الأسباب كثيرة ومتضافرة. من بينها، ولعله أخطرها، العلاقة الملتبسة  بين النقد و الإبداع، وأيضاً العلاقات التي تربط النقاد بالمنابر المتعددة، من جرائد ومجلات متخصصة... ربما كان الخلاص في النقد الأكاديمي ولكنه بطيء، وأحياناً يغرق في شكليات لا تفصح عن مضمون يستطيع القارئ العادي أن يتفهمه... إذاً لا مفرّ من النقد الصحفي، السريع والمواكب لظهور النصوص الإبداعية.. في فرنسا تطبع في كل دخول أدبي ما يناهز 700كتاباً لا يحتفي النقد إلا بعشرة إلى عشرين كتاباً فقط...  دون نسيان الخط التحريري للمجلة والصحيفة (التي يكون مسؤولوها، وهم عادة مبدعون ونقاد، مرتبطين بكُتّاب مُكرَّسين معروفين) له دور حاسم في تقبل النصوص النقدية، أو في القذف بها في سلة المهملات.... ويضيف المزديوي: "جميل أن ننشر ونحتفي بالشباب ولكن حذار من أي نزوع شبابويّ أو من تلهّف لدفن الكبار الذين لا يزالون ينزفون إبداعا"ً.

277hGrisetقصة خريف يحكيها رجل قتلته الوحدة وشاخ قبل الأوان
انسكبت مني الحياة منذ أعوام وتركتني ظلا أسعى
 الـــــغُـــــربــــــة:
قدم عبد الله العروي في مؤلفه "الغربة"، نموذجا روائيا مستجدا ومميزا في الواقع الروائي المغربي، حيث رسم من خلاله رؤية فريدة للرواية كما تصورها النقاد المعاصرون في العالم الغربي. وقد عُد مؤلفه من بين كتب قلائل بادرت إلى تبني النموذج الجديد هذا في العالم العربي. وكان ذلك السبق في خريف سنة 1956، أي بالتزامن مع الاستقلال السياسي للمغرب. وقد ساهم هذا المعطى التاريخي بشكل كبير في تحديد الوجهة الرئيسة ورسم المسار العام الذي ستسير وفقه أجواء الرواية وأحداثها رفقة شخصيات اختارها عبد الله العروي لتكون عناصر فاعلة ومحركات لتلك الأحداث التي تبدو للقارئ في بادئ الأمر غير ذات حمولة وافية، ومع القراءة الواعية والمتعمقة يندمج متتبعي أحداث الرواية تدريجيا في جوها العام، كونها - أي الرواية- تحمل في طياتها أبعادا مختلفة تعالج مواضيع آنية متعلقة بالزمان والمكان ( خمسينيات القرن الماضي // استقلال المغرب)، مما جعل الكتاب يصدح بمواضيع شتى، ويتصدى لقضايا ذات أبعاد واسعة مرتبطة بجوانب ثقافية، سياسية، مجتمعاتية و اقتصادية لمغرب الخمسينات كما كان يتصوره عبد الله العروي وفق نظرة ثاقبة لكاتب ليس بالعادي؛ حيث إننا في حديثنا عن د.العروي فنحن نذكر المفكر، والناقد المؤرخ والفيلسوف: هذه الجوانب الثلاثة ساهمت في انبثاق رؤية وحدوية فريدة لكاتب مميز عن واقع متبدل وخاضع لصيرورة مكثفة وفق أحداث كبرى شهدتها البلاد في العصر موضوع الرواية وشهدها الفيلسوف الروائي بمنظوره الثاقب  وبطريقته الخاصة، لتكون روايتنا هاته نتاج مخاض عسير لا يتصدى له سوى كاتب كبير كعبد الله العروي الذي نجح في رصد الأحداث بكل دقة، وعمد إلى طبع روايته هاته بطابعه الفكري الخاص عن طريق تعليقات تمس في الجوهر آراء، وأفكار، وتصرفات شخصيات القصة.  

Anfasseالثقافة هي المدخل والمعول لكل التحولات السياسية والاجتماعية وغيرها
"الطفولة مكون جوهري من مكونات الشخصية مثل الوطن، قد يشيخ ولا تشيخ مكوناته في دواخلنا"
"وراء كل إنسان عظيم فلسفة، وروافد شتى داعمة له"
حوار من إنجاز نعيمة الزيداني- صحافية من المغرب
ضيفتنا لهذا العدد من فرح الشاعرة العراقية المتألقة "فاتن نور"  ابنة محافظة البصرة الفيحاء، حاصلة على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة البصرة. عملت بمجال تخصصها بعدة وزارات عراقية دون أن تعرف الاستقرار، وعن ذلك تقول" رُحلّتُ من وزارة إلى أخرى كالمساجين حين يُرَحلون لصراحتي في كشف الحقائق أمام الجهات العليا ."
هاجرت إلى الولايات  المتحدة الأمريكية، وبها تقيم حاليا، ثقافتها واسعة ومتنوعة فهي مهتمة بالفلسفة وعلم النفس والشعر والقصة، ولها فلسفتها الخاصة في القراءة، تقول" تنوعتُ في قراءاتي ما بين العربيّ والعالميّ،  أبحثُ دوماُ عن الكتاب والكتاب الناقد للكتاب / لعبتي هي الشيء ونقيضه."
تكتب الشعر منذ كانت طالبة في المرحلة المتوسطة، لغتها الشعرية شديدة التفرد، وقصائدها تفيض فلسفة... يقول عنها الناقد الدكتور وليد سعيد البياتي "الشاعرة فاتن نور تمثل مسارا خاصا ومتفردا في الشعر الرمزي، وهي تحاول تقديم منظور فكري معاصر للمرأة."
أهلا بك في هذا اللقاء مع قراء فرح

النزعة الأيديولوجية في تقييم النصوص الشعرية - فاتن نور

ideolثمة آفات كثيرة تنخر في المشهد الثقافي جلها معلل بمستوى الوعي العام والجهل بماهية الأدب، وهي من الماهيات العليا التي لا ينبغي جرها الى الدرك الأسفل. وفي هذا المقام سنقف على تخوم آفة خطيرة، وهي تقييم شكل النص الشعري بفعل المضمون وما ينطوي عليه من انزياح  فكري أو عقائدي أو توجه قد لا يستحبه المتلقي سواء كان قارئا عاديا أو ناقدا. أو قد يُستفز به أيديولوجيا فيصب جام غضبه على الشكل الشعري مبخسا اياه ومتجنبا الخوض في المضمون لعلة ما.  إنما الأنكى في الموضوع هو إغتيال الشاعر أدبيا بفعل الأيديولوجيا أو الإنتماء بشتى صنوفه، فإذا كان المتلقي أديبا او ناقدا قد يلجأ الى تسفيه نصوص الشاعر أو النيل منها إشباعا لعدائيته أو اهمالها.  وثمة تعصب ايديولوجي قد يصيب صاحبه بالعماء فلا يرى إلاّ شعراء محيطه الأيديولوجي وربما ممن لا يتقاطع معهم نفسيا أو مزاجيا فقط أو اخلاقيا. والجدير بالذكر أن المعروف عن الشاعر محمود درويش الذي يلقب بشاعر القضية الفلسطينية تشبعه بالأدب العبري، ولم تعفه نفسه عن قراءته لأسباب سياسية أو عقائدية أو عدوانية. وهذا نهج سليم فالأدب لغة عالمية وليس دينا أو حزبا أو تيار.

أنفاسلا يسعني، هنا إلا أن أضمّ صوتي إلى أصوات كثيرين غيري ممن طالبوا، من دون تردّد، بإيقاف عرض مسلسل «في حضرة الغياب»، الذي يجسّد حياة وتجربة الشاعر الراحل محمود درويش، بعد وصلات الابتذال التي طالعتنا بها الحلقات الأولى من هذا العمل الدرامي الباهت، مضمّناً صوتي إلى صوت الكثيرين ممن يجأرون: أنقذوا محمود درويش..

كنا نتوقع أن يُنصف هذا العمل الشاعر الراحل محمود درويش بأداء معقول، إلى حدٍ ما، وكنا نظن أن خبرة الممثل فراس إبراهيم، ومعه حسن يوسف كاتب السيناريو، والمخرج أنزور يمكن أن تفضي إلى عمل درامي نوعي هذا العام، ولا سيّما أنه يحاكي قامة شعرية سامقة، تركت أثراً من شعرها عند أجيال وأجيال، بيد أن الصدمة كانت مهولة ابتداء من أولى مشاهد هذا العمل الكارثي المبتذل الذي غاب فيه محمود درويش الشاعر ولم يحضر الممثل البارع الذي استطاع محاكاته بشكل مقبول.

فإلى جانب الاعتراضات الكثيرة التي سُجلت على المسلسل، ومنها رداءة تقمّص الممثل فراس ابراهيم لدور الشاعر الكبير، وسطحيته وافتعاله في التصدي لمثل هذا الدور، المركّب والمعقد، وما كيل له من عجز في أدائه لشعر درويش بسبب الأخطاء اللغوية الهائلة التي شابت هذا الأداء، يمكن أن نضيف هاهنا سبباً آخراً لعله أسهم في تدني مقبولية الجمهور العربي للدور الذي جسّده فراس ابراهيم لشخصية الشاعر محمود درويش.

66447935لقد وجد الإنسان نفسه في الكون يرتبط به وجوديا، فأدرك عقب تراكم الخيرات لديه أن مجاله البيئي الإيكولوجي المحتضن له، ينتج ظواهر معقدة، يصعب قراءتها. فظلت بالنسبة إليه سرا عصيا، ولغزا مغلقا، يستفزانه بمفاجئاتهما ويقلقانه، إذ تتولد لديه أسئلة عديدة. إلا أنه لا يستطيع في ضوء ما يحمله من زاد ضعيف على مستوى التجارب والخيرات الحياتية والقدرات الفكرية، صياغة أجوبة نطفئ عطشه النفسي. ونظرا لطبيعة المرحلة التي وجد فيها، أي مرحلة الذكاء الفطري، أو مرحلة ما قبل النضج الفكري، وفي غياب آلية التفكير المرتبطة بالإمكانات العقلية والقدرات التأملية التي لا زالت جنينية، جنح نحو تفسير ما يلاحظه أو يعيشه من أحداث وظواهر اعتمادا على مبدأ الغيب. وبمعنى أدق، فإن التفسير يتم بطريقة ميتافيزيقية ما ورائية، باعتبارها السبيل الأقرب والأيسر، الكفيل بإخراج الإنسان من حيرته، وتسكب الإحساس بالطمأنينة النفسية في كيانه المشتت، تشتت علاقته بالوجود. لأنه كان يعيش بأحاسيسه وغرائزه، لا بعقله الذي كان غائبا وقتئذ عن مسرح التفاعل مع العالم الخارجي.وذلك لأن طبيعة التفاعل كانت نفسية إلى حد كبير. وعليه، يمكن القول أن القاعدة المرجعية للتفسير، اعتمدت وبشكل أساس على الغيبيات، الغير مدركة الخارجة عن حدود المنطق المتمردة على العقل، وهي ما اصطلح عليه بالأسطورة. والأسطورة لغة، كل ما يسطر أو يكتب والجمع أساطير وفي المعاجم : الأساطير، الأباطيل والأكاذيب والأحاديث لا ناظم لها. ومنه قوله تعالى في سورة المؤمنين الآية 83 :" إن هذا إلا أساطير الأولين ". والأساطير قصص خاصة تروى عن الالهة او عن كائنات  بشرية متفوقة، أو عن حوادث خارقة وخارجة عن المألوف في أزمان غابرة.وقد تتحدث عن تجارب متخلية للإنسان المعاصر بغض النظر عن إمكان حدوثها أو تسويغها بالبراهين ... إنها أمر واقع ولكنه خارج عن المنطق، والمعقول القابلين للمناقشة والبرهان. والجدير ذكره في هذا السياق، أن الأسطورة كانت في بداية الأمر ملاذا نفسيا للإنسان المتعب، الباحث عن الخلاص والتحرر من إسار الهواجس المطاردة له. إلا أن التطور الذي شمل بنيات الحياة والفكر. شمل أيضا الجانب الأسطوري. إذ تبدى هذا التطور في مظهرين اثنين:

ANFASSEهذه المادة بثلاثة أجزاء تحت سقف العنوان أعلاه وسترد تباعا، وهي:
1. حول النقد ومظلته السايكولوجية.
2. حول الشعر والتأويل، وثنائية الشكل والمضمون.
3. توطئة حول نقد النقد، ومثالين عن مادتين نقديتين.

توطئة حول نقد النقد، ومثالين عن مادتين نقديتين - القسم الثاني:

ما سنتناوله هنا ليس معنيا بما ورد عن اشكالية الترادف الاصطلاحي التي تطرقنا لها هامشيا ضمن التوطئة العامة في القسم الأول. وفي هذا القسم، لسنا بصدد نقد النص الشعري فهذا خارج اهتمامنا، إنما بصدد قراءة الناقد للنص وأبعادها. وما نجده مناسبا للوقوف عنده.
المادة الأولى: قراءة الأستاذ سلام كاظم فرج لقصيدة "من الناعور، من سِوار النهر" للشاعر سامي العامري. / الرابط مدرج أسفل الصفحة
وقد جاءت قراءته تحت عنوان " النقد الأدبي: جدلية الشكل والمضمون في الشعر المعاصر، قصيدة العامري (من الناعور..من سوار النهر) نموذجاً "./ نفس الشيء