nawabe-anfasseفي عزلته الأخيرة، يضمه بيت صغير، وأصدقاء لا يتجاوزون عدد اليد الواحدة يلتقيهم في أوقات متباعدة، يعيش الشاعر العراقي مظفر النواب مريضا في بيته الكائن في مشروع دمر إحدى ضواحي العاصمة السورية.
لم تكن السنوات الثماني الماضية سهلة على مظفر النواب في منفاه، إذ أبدى تأييده لسقوط نظام صدام حسين على يد قوات التحالف الدولي بزعامة أميركية، ما اضطر كثيرين لمقارنة موقفه بموقف الشاعر العراقي سعدي يوسف الذي أعلن تأييده للمقاومة العراقية رغم معارضته للنظام العراقي السابق أيضا.
"الديكتاتور" الذي استحوذ على حياة الشاعر وهواجسه أربك النواب بسقوطه، سواء بتوقيته أو كيفيته، حال النواب وهو من يمتلك روح طفل سريعة الاشتعال نزقا أو فرحا، فأعلن تأييده لسقوط "الطاغية".
وظهر على شاشات الفضائيات العراقية والعالمية، وهو يدلي بصوته في الانتخابات العراقية، وأعاد التأكيد على موقفه المناصر للعملية السياسية في "عراق ما بعد الاحتلال".
وقال في إحدى مقابلاته الصحفية "أنا مع الانتخابات العراقية الأخيرة، ومن عنده طريقة أخرى فلينصحنا بها، أما أن نطلب من العراقيين حمل السلاح في هذا الوقت بالذات فهذا أمر مضحك، إن المقاومة في مثل هذه الظروف هي ضرب من الخيال، لا بد أن نحرص على سلامة كل العراقيين وأن لا نقدّمهم إلى "المفرمة" بتعلة المقاومة".

crit-anfasseإن الذي يطلع كل يوم على القراءات النقدية التي تغمر النصوص الأدبية الإبداعية اليوم شعرا ونثرا في بلادنا العربية، لا يجد لنفسه بُدا من أن يُصَير هذا القول ضمن نظرية أو نظريات نقدية معينة أهلت نفسها لمتابعة الإبداع، وهذه النظريات عينها لا يمكن أن تخرج عن إبدالات محددة سالفا، ليست لنا نحن العرب يد فيها إلا ما تعلق بالترجمة التي قد تكون في الغالب اتباعية أو إبداعية في أحيان قليلة؛ وهذه القراءات النقدية يمكن أن تؤطر في الأنماط الثلاثة الآتية:
النظريات النقدية البرانية القبلية
ويمكن أن تدخل ضمنها النظريات التي سادت ابتداء من نهاية القرن التاسع عشر، حيث خرجت من رحم الفلسفة الغربية باعتبارها آنذاك أم العلوم، واعتبرت الأدب جزءا من موضوعاتها كعلم النفس الذي يعود إلى كاتب الإبداع/ المبدع فيستجلي الدوافع النفسية التي حفزت الكاتب إلى تقيؤ ما يكتبه، والمنهج النفسي إذ يهتم بالفرد الكاتب من خلال دوافعه النفسية وغرائزه ومكبوتاته فقط دون أن يلتفت إلى جوانب العمل الأدبي كلها، فهو بذلك منهج براني بعيد عن الاهتمام بأدبية الأدب أو ما يجعل من إبداع ما ذا طابع أدبي، يميزه عن كل الكتابات الأخرى التي تختلف عنه في السمة اللازمة للأدب، إذ يجعل الإبداع فقط جزءا من مداخل الاهتمام  بالفرد كيفما كان ونزوعاته النفسية، فالأدب ليس إلا مرآة عاكسة للبنية النفسية للمبدع.

«peinture1ولا بد للترجمان أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة  و المنقول إليها حتى يكون فيهما سواء وغاية. ومتى وجدناه قد تكلم بلسانين، علمنا  أنه قد أدخل الضيم عليهما، لأن كل واحدة من اللغتين تجذب الأخرى وتأخذ منها(....)»
أبو عثمان الجاحظ .
مبتدأ :
نشرت مجلة «فكر ونقد» الوازنة في الساحة الثقافية العربية ملفا حول تدريس الفلسفة: «رهانات وقضايا». الملف المذكور جدير بالقراءة لأنه يتضمن نداء صريحا لاعتماد العقل، والتفكير، والحرية، والحداثة، والاختلاف، والعدالة.... أي ما يجعل الإنسان إنسانا، وما يهب وجوده معنى وقيمة. لذلك  ليس غريبا أن يقول ديكارت «وكنت أبغي بعد ذلك أن أوجه النظر إلى منفعة الفلسفة، وأن أبين أنه مادامت تتناول كل ما يستطيع الذهن الإنساني أن يعرفه، فيلزمنا أن نعتقد أنها هي وحدها تميزنا من الأقوام المتوحشين والهمجيين، وأن حضارة الأمة وثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها....» وإلى هذا يضيف: «ولأن يحيا المرء دون تفلسف هو حقا كمن يظل مغمضا عينيه لا يحاول أن يفتحهما(...)»

baignoire-lecture-anfasseسيرا على مقولة ان القارئ يشارك في خلق الأثر الأدبي التي شاعت بين أقلام الأدباء والنقاد الذين عرفهم هذا القارئ أو لم يصادف آثارهم ، يجد هذا الأخير نفسه محاصرا بين جمالية النص و موت المؤلف، أي يبن ما قد ينبهر تحث تأثيره من كلمات و نصوص هزت تاريخ الجنس البشري و بين الخنوع لسلطة القلم بممارسة الكتابة …لم يشأ أي كاتب قط أن يكتب ما كتبه لولا ما حدث معه أو ما قرأه على الأرجح، فعبق الكلمات وتوليد الأفكار كان حالة من تراكمات ذهنية لمجتمع احتكت فيه أنامل القلم مع صفحات الوجود. الشيء الذي يجعل من وجود الكاتب منوط بحضور القارئ (والقراءة). مما يرتهن فيه بالمقابل مولد القارئ ( حسب بارت)، بالأساس على حساب المؤلف. لكن كيف الحديث عن الكاتب أو المؤلف دون الحديث أولا عن القارئ الذي قد يصير إلى درجة الكاتب فيما بعد ؟ هل يمكن فصل الكاتب عن النص ؟ أو الاكتفاء بالقارئ الذي لا يربطه بالكاتب سوى النص؟“أن اقرأ، أن اقرأ الآخر، معناه أن أعيد تحديد ذاتي”. عبارة ختم بها المؤلفان الفرنسيان “ايمانويل فريس” و “برنار موراليس” كتابهما المشترك (قضايا أدبية عامة). أعادت هذه العبارة بنود التنقل بين ثنايا المدرج و المخفي و المعلن في نظرية الأدب ومدى اتصالها بالقارئ والكاتب والنص على حد سواء. ولـَمن الجميل أن تجعل منا عبارة ” تحديد ذاتي” دعوة إلى تجديد معالم العلاقة مع القراءة على ضوء ما ذُكر عن قضية القراءة، بمجمل ما صِيغت عليه بالأساس من نظرية النص مرورًا من الأثر الأدبي واتصاله بالمعرفة إلى قراءة الأخر و دور القارئ فيها.

الراحل سعد الله ونوس

مراحل العرض :
1-في المنابع و المرجعيات
2- الخصائص البنائية لمسرحية ‘‘ مغامرة رأس المملوك جابر’’
- من الترابط إلى التشظّي (تقنية التركيب)
- من مكوّن الفصل أو المنظر إلى مكوّن اللوحـــــة أو الوقفة الدرامية :Stationdrama
- من مبدأ العليّة و القانون السببي إلى مبدأ الصدفة و المفاجأة .                    
3- التقنيات الملحمية :
أ- في مستوى علاقة المتفرّج/الممثل بالخشبة
- من الاندماج إلى التغريب
- من التطهير إلى النقد و التفكير
- من القاعدة إلى الاستثناء
- من التقمّص و التجسيم إلى التسريد و التبعيد .
- كسر الجدار الرابع : الممثل المتفرّج :    Le spectacteur                      
ب – في مستوى علاقة الممثل بالدور :
- تقنية نزع القناع
- كسر النمطيّة
ج – في مستوى الديكور و الملابس :

anfasse-tableau-11"فهذه الإسلامية تتحقق بِربط التجربة الشعرية المعَبَّر عنها برؤيا إسلامية وهذا في تقديري ما يعطي المبدعَ المسلمَ حرية في الكتابة"
الرباوي
يعتبر الشعر عند الرباوي كتابا مفتوحا يمكن من خلاله أن نصل إلى طبيعة تنشئته الاجتماعية التي رفدت منها حياته النفسية، وتكونت شخصيته وطبيعته ابتداء من مرحلة الطفولة الصغرى باعتبارها مرحلة بناء الشخصية، وإليها يرجع النفسيون في الغالب لمعرفة سلوكيات الراشد التي لا تجد لها تفسيرا في هذه المرحلة، وما دامت التجربة الشعرية عند الرباوي صادقة في القول الشعري صفاء الطبيعة الصحراوية التي ميزت طفولته الصغرى بأسرير بتنجداد، فإن هذه التنشئة نراها منطبعة في شعره من خلال البوح واللغة المباشرة التقريرية التي تجسد رؤيته للأشياء والعالم، غير أن شاعرنا ما دام لم يبق عند حدود تنشئته الطفولية بتنجداد، بل سافر إلى أماكن متعددة واطلع على أوعاء مختلفة، فإن لغته المباشرة اعتورها الرمز، مما يدل على أن الطبيعة تجعله يبوح تقريرا، والوعي وتطور الوعي بالذات والغير يجعلانه يعود إلى الرمز في القول الشعري، وهذا الجمع بين التقرير والإيحاء جعل شعره غير ذلول على من لم يكن في الأصل متأصلا في البيئة الصحراوية التي نشأ عليها الشاعر، ولم يكن ذا اطلاع واسع على الذخيرة المعرفية التي استند إليها الشاعر في تجربته الشعرية من قرآن كريم وسنة نبوية وسيرة نبوية وتصوف وشعر غربي وعربي...

yousri_alghoul-anfasse"... وما زال الناس في الجبل يتناقلون سيرة مليحة موصوفة عاشت في زمن الأتراك، وحيدة لأبوين عاشقين، طُلبت غرة لرجل هفية من عصبة بطاشين أراذل سقط لهم قتيل في طوشة مع أهل المليحة/ ...هجت المليحة واستجارت بساري ليل تصادف مروره بالوادي، وقيل إن أهلها تفرقوا في شعاب الأرض خوفاً من البطش وخزياً من معيار العروسة الهاربة."
هكذا تبتدئ الحكاية كسيرةٍ ملحمية لا تنفك أحداثها عن الانتهاء. فمزيونة الهاربة والتي قيل في أخبارها الكثير الكثير، وارتبط اسمها بعوالم الجان وغيره، فأضحت أسطورة متكاملة. جعلت للحكاية صوتاً جديداً في الرواية الفلسطينية.
ارتبطت مزيونة بساري الليلة (مطلق)، الذي مات بسبب الوباء، بعد أن أنجب منها حسن وزانة. ليكثر النسل من هذه المليحة، فتصبح الحكاية متواردة متواترة لا نهاية لها ولا حدود، يضعها غريب عسقلاني في عدة فصول، حمل كل فصل فيها عنواناً عرضياً لجملة الأحداث الحاصلة في الفصل ذاته وما يتبعه في بعض الأحايين، مثل (عن الصبي طه والنورية نرجس) و(من حكايا ساري الليل) و(عن المقامات والأحوال)..الخ.

anfasse-org-anfasseعندما ينزاح الكلام عن طبيعته فيتحول إلى كائن حي يعْبر من مكان إلى آخر أو من جهة إلى أخرى بدل أن يبقى ذبذبات صوتية تنتقل عبر الأثير بين أفواه الناس وآذانهم يصبح للقصيدة شكل آخر وطعم آخر أيضا..
أما الشكل فهذه المقاطع التي يبدأ أولها وثانيها بالجملة الإسمية الدالة على الثبات ، ثبات التحدي إصرارا عليه وتعلقا به .. وثبات الذكريات التي لا تزول والتي تصر الشاعرة على التواصل معها حقول مودة دائمة..ليأتي ما بعدهما بادئا بالجملة الفعلية المضارعية الدالة على الحاضر ، حاضر المودة حيث ريح الذكريات تشتغل في الداخل كل لحظة ، وحيث الخطى تتعثر مرتبكة لا تعرف أين تتجه، وحيث الرصيف / الهامش وحده الأثر الباقي الدال على مرور الأرجل .. أما الجولات وما كان فيها من أحاديث التواصل الحميمي فقد اختفت متحنطة ، ولم يبق إلا الصدى العميق الذي يدفع إلى تذكر الذي كان..
هل هي إشارة غير مباشرة إلى أننا مازلنا كمجتمع على الرصيف/ الهامش/ هامش الحضارة البشرية المعاصرة وسنبقى وسوف نبقى مادمنا نرفض تحرر نصفنا ونصر على بقائنا في مجتمع الذكورة الذي برهن ويبرهن دائما على فشله الأبدي في الخروج من نفق التخلف الطويل؟ .. ربما..