إبراهيم أولحيان كاتبٌ مغربي شاب، عُرِف بدراساته النقدية العميقة المتأنِّية، وترجماته الأدبية الدقيقة. وقد نالت ترجمته لكتاب " النقد الأدبي المعاصر" للكاتبة الفرنسية آن موريل، الذي صدر عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، ترحيب النقّاد والأدباء العرب، وكان من الكتب الأكثر مبيعاً في معرض الكتاب الأخير في القاهرة.
صدر لابراهيم أولحيان هذا العام كتابٌ عن دار الثقافة بالدار البيضاء عنوانه " الكتابة والفقدان: قراءة في التجربة القصصية عند علي القاسمي". وأهدى الكتاب لأصدقائه في العراق الأدباء: كاظم النصار، وسهيل نجم، ومحمد صادق، ولؤي حمزة عباس، وثائر علي.
يرمي هذا الكتاب إلى تعرية تجربةِ مبدعٍ اكتوى بنار الغربة والتمزق والضياع، فصاغ رؤاه بشكلٍ فنّيٍّ يستهدف متلقياً شغوفاً بمتعة الحكاية المسكونة بالمعاناة والمعرفة والفن. يكاد إبراهيم أولحيان يكون متخصّصاً في الإبداع القصصي للكاتب العراقي المقيم في المغرب، الدكتور علي القاسمي. فبالإضافة إلى الصداقة التي تربطهما وتيسر له معرفة شخصية الكاتب وهمومه ودوافعه، فهو مطلع على الإنتاج الفكري للقاسمي، سواء أكان إبداعاً أدبياً أم بحثاً علمياً في اللسانيات والمعجمية والمصطلحية والترجمة والتربية والتنمية وحقوق الإنسان.
مقاربة نقدية: يسري الغول في قبل الموت، بعد الجنون - غريب عسقلاني
في مجموعته القصصية "قبل الموت.. بعد الجنون" يأخذنا القاص الشاب يسري الغول بين حدي الموت والجنون وكأني به يطرح سؤال الاختيار بين الموت المجاني والمواجهة غير المتكافئة في واقع يمور بالمفاجئات وانقلاب المعايير والتباس وغموض النتائج!!
كتبت القصص ما بين الأعوام 2005 - 2009 وهي السنوات الأكثر دموية التي شهدها قطاع غزة, حيث يعيش الكاتب, فقد شهدت هذه الفترة استشهاد الشيخ احمد ياسين ورحيل الرئيس ياسر عرفات, وتصاعد وتيرة انتفاضة الأقصى, والسجال الدموي مع الغاصب الصهيوني, وصولاً إلى الحرب على غزة, كما شهدت هذه الفترة احتدام الاشتباك مع الذات في الاقتتال الفلسطيني الذي شطر الحال إلى شطرين متخاصمين على مستوى القمة وخسارة الكل على مستوى القاعدة, ولعل السؤال الذي يطل علينا: هل قدم يسري الغول في مجموعته -وهو الكاتب الفياض- كل ما كتب من قصص في تلك الفترة؟ أم أنه اختار القصص التي تدور حول محاور ما!!
في تقديري أنه قدم مجوعة إطار حول أسئلة مشتركة, فتشكلت المجموعة سلسلة سردية لفضاء زمكاني, الأمر الذي قربها من رواية تقوم على التشظي والتبعثر وقدر الفلسطيني المرجوم بالصراع الأزلي, والمعلق بين معطيات واقع جائر ولؤلؤة رؤيا ما بعد الحياة.
جماليات الوصف في رواية زنابق تحت الجليد لعبد الرزاق السومري – د. سلوى عباسي
تجسّد هذه الورقات النّقدية محاولة للجوس في دواخل العالم الفنّي لرواية زنابق تحت الجليدالتي ألّفها الكاتب التّونسي عبد الرّزاق السّومري[1]، و هو في توظيفه المميّز لجمالية الإحالة على الواقع ، واعتماده المخصوص على تقنية الوصف الحيّ (Hypotypose) [2]،كأنّما قد أرادها أن تكون من النّوع الواقعي الجديد الذي تنداح فيه لغة السّرد الرّوائي عن اللّهجة التقريرية التسجيلية الفجةّ ، التي عادة ما تسطع من كتابات الواقعية ،على أساس أنّ الالتزام بتمثيل الواقع هو مبلغ همهّا ، وأبرز مقوّم تستند عليه في خطابها. إذ به تتشكّل ماهيّة الأحداث ،و من خلاله تَرتسم ملامح الشخصيات، وإليه توكل عملية التصوير الفنّي برمّتها و يسلّم وفاض العالم المتخيّل ، بشتّى مكوّناته المرجعية، وخصائصه النّفسية الاجتماعية الثّقافية التاريخية التي قد تميّزه هذا العالم عن غيره من العوالم .
فلا شكّ في أنّ الأدب الواقعي، بمختلف أجناسه لا يعترف بغير الواقع مرجعا و بغير حوادثه ومشكلاته وقضاياه موردا ،منه يغترف كتّاب هذا الاتّجاه موضوعاتهم، وعلى غراره ، ينسجون خيوط حبكاتهم ويختلقون صيرورة الوقائع المسرودة على مدار النصّ ، ويتخيّلون معالم الأطر الزّمانية المكانية، وأشكال التفاعل بينها وبين الشخصيات . إنّ الواقع ،باختصار يطوّق كلّ ما يمتّ بصلة إلى ماهيّة المرجع الحكائي أو عالم القصّةDiégèse)) .
التأويل المُضاعَف والعكسيّ للنص الأدبي ..3/3 ـ فاتن نور
هذه المادة بثلاثة أجزاء تحت سقف العنوان أعلاه وسترد تباعا، وهي:
1. حول النقد ومظلته السايكلوجية.
2. حول الشعر والتأويل، وثنائية الشكل والمضمون.
3. توطئة حول نقد النقد، ومثالين عن مادتين نقديتين.
توطئة حول نقد النقد، ومثالين عن مادتين نقديتين:
(القسم الأول)
في هذه التوطئة لابد لنا من الوقوف على هامش إشكالية النقد التي تستحِث نقد القراءات النقدية أو مجادلتها موضوعيا.
بجانب طبيعة العقلانية العربية التي أشرنا إليها في الجزء الأول، وانزياحاتها السايكولوجية العامة المؤثرة سلبا في حركة النقد الأدبي، ثمة إشكالية لا يمكننا تجاوزها في هذا المقام، وهي أن الحركة النقدية تفتقر الى منهجية واضحة المعالم والبنى، فهي في الغالب مزاجية الطابع تتأرجح بين التقليد والتغريب، وكلاهما مشوش مقارنة بأصوله. فقديما كان النقد بفعل التذوق والتأثر بالمنتج الشعري لفرز جيده عن رديئه، وقد ترأس النابغة الذبياني سوق عكاظ لعلو منزلته آنذاك ونبوغه، لإستقبال ما يعرض عليه من أشعار وفرزها. ولا يعد الفرز نقدا بمفاهيم النقد المعاصر بل "إنتقادا" فهو حكم بياني عام، وقد تطور في العصور اللاحقة فظهر النقد البلاغي في العصرين الأموي والعباسي وبمعايير الجودة اللغوية نحوا وصرفا، والسلامة العروضية وجزالة الأسلوب وحسن التصوير والتركيب وثراء الخيال وما إليه من معايير ومقاييس بلاغية وفنية متبعة. بجانب رصد الظواهر الأدبية وتحدديها ووصفها كظاهرة الغزل الحضري والغزل البدوي العفيف والتجارب الشعرية الشخصية. ولم يكن النقد البلاغي في إرثنا الأدبي عقيم الجدوى، وله صور في تهذيب العملية الإبداعية نسبيا وتجويد منتجها. أما في يومنا الحاضر فالقراءات التقليدية لم تعد تقليدية الأصول فجلها "تقريض" للمنجز الأدبي، أي إعادة تقديمه للمتلقي من قبل الناقد، وغايته وضع المنجز في بقعة ضوء تحفيزا للمتلقي وتكريما للناص في أحسن الأحوال وبمعية شروح إنطباعية.
قراءة تعريفية لكتاب:عوارف معرفية من التصوف وأدبه في المغرب للدكتور عبد الوهاب الفيلالي ـ خالد التوزاني
سياق القراءة
نظم محترف الكتابة الذي يرأسه الكاتب و الباحث الأكاديمي المغربي الأستاذ الدكتور جمال بوطيب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، - نظم ندوة تكريمية للأستاذ الباحث الدكتور عبد الوهاب الفيلالي، من خلال التعريف بكتابه "عوارف معرفية من التصوف وأدبه في المغرب" الذي صدر حديثا عن دار الرشاد بالمغرب. وذلك يوم الإثنين 26 أبريل 2010 بقاعة شعبة اللغة العربية بالكلية ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال. وقد حضر الندوة عدد من أساتذة الكلية؛ كان من بينهم الأستاذ الدكتور أحمد زكي كنون والدكتور محمد العمراني والدكتور عبد الوهاب الجاي.. كما عرفت الندوة حضورا فاعلا ومكثفا من لدن طلبة الدراسات العليا وعموم المهتمين بالأدب المغربي في الشق الصوفي منه. وقد ترأس الجلسة مدير ومؤسس محترف الكتابة الأستاذ الدكتور جمال بوطيب، كما تناول الكلمة الأستاذ الدكتور محمد أوراغ مدير مختبر التواصل الثقافي وجمالية النص الذي عبر عن أهمية سياق هذا التكريم ودوره في نقل خبرة الكتابة وإشاعة روح الإبداع والتجديد، ثم تناول الكلمة الأستاذ المحتفى به الدكتور عبد الوهاب الفيلالي الذي تحدث عن مسار تجربة الكتابة وعشق الإبداع الصوفي وقضايا ذوقية في الكتابة والإبداع، ثم تشرف الطالب الباحث خالد التوزاني بتقديم قراءة تعريفية كتاب عوارف معرفية من التصوف وأدبه في المغرب لمؤلفه الدكتور عبد الوهاب الفيلالي. بعد ذلك فُتح باب المناقشة حيث تدخل الأساتذة الحاضرون ثم الطلبة، وقد أجاب الأستاذ الدكتور عبد الوهاب الفيلالي عن تساؤلات الحضور. وتجدر الإشارة إلى أن طلبة ماستر التصوف في الأدب المغربي الفكر والإبداع قد قدموا هدية تكريمية لأستاذهم المحتفى به الدكتور عبد الوهاب الفيلالي، تعبيرا عن صدق محبتهم وإعجابهم بفكر وأدب الأستاذ المحتفى به.
نجيب محفوظ عملاق الأدب ما زال يروي .. – يسري الغول
ما أجمل ما حملت كلماته تتسلل بأفكاره إلى النفس سكناها الأبدي، بأسلوب فذ يأسر اللب، يحوي عالمها بترابط سلس تجري معه الحروف كأنها الذر لا ترى بالعين، وإنما تدرك بالإحساس والوعي، تكتمل صورتها بين جنبات الوجدان، فتحيي خيالا ً يبني أزمنته بين الماضي والحاضر، وأمكنة يسهل تصورها كأنك تتحسسها بيديك حقيقة ماثلة أمامك.
فمحفوظ أديب لم يكتب بقلمه، لم ينتظر أن يتشكل الكلم أمامه ليدرك أنه قد أنتج أدبا ً لنا، بل كل ذرف كل ما في نفسه في روح الزمان، نستنشقه من عبير الكتب التي تتجسد فيها تلك الروح.
فكاتب " القاهرة الجديدة" يرسم صورة متكاملة لمجتمع يتمثل في معالم الشباب الطامح، المثابر لما بعد يومه، ومعترك الحياة يحفر فيهم مسارا ً لا يغادروه، كما حال الأقران والأتراب، يبتعد عن تقاليد الحياة الرتيبة، ويبحث في زواياها ليشير ببنانه على حقائق خفية، هواجس نابتة في خاصرة المجتمع، الذي يحتضن القلب الطيب، فأبطال روايته شباب طامح من طبقات متفاوتة، جمعهم طلب العلم في مشهد واحد، وكل شاب منهم تعتمره قناعات تشكل وعيه ورغباته، جسد واحد لأربعة عقول، تتجاذب كل واحد منهم ظروفا ً تختصه دون الآخر فيتكور منهم الواحد حسب ما يتعرض له، فالمؤثر فيها هو مدى الأفق الرحب الذي يطرح فيه محفوظ رغبات البشر كم من المسافات يقطعها فوق الرؤوس ليصل إلى مراده.
صورة الكتابة في رواية المصري لمحمد أنقار - شهيدة العزوزي
حظيت رواية المصري لكاتبها محمد أنقار باهتمامات كثيرة من قبل الباحثين والنقاد، نذكر منها؛ الدراسات التي أنجزها نجيب العوفي، ومحمد بوخزار، ومحمد مشبال في كتاب "الهوى المصري". ولعل السبب في ذلك ما تضمنته من آراء وأفكار جديرة بالمتابعة؛ إذ إنها جمعت بين النظر والإجراء، وفتحت أمامنا أفق التساؤل حول طريقة تشكل الكتابة في "رواية المصري" وعن مدى توافرها على معايير "الصورة الروائية". فكيف يمكن إذن التعبير عن هذه الرؤية؟ وما هي أهم الأفكار والملامح الإبداعية التي يمكن أن نستنبطها من الرواية فيما يتعلق منها بإشكال الصورة ودلالاتها؟
تشكل رواية المصري مجالاً واسعاً وخصباً لرحلة التفكير النقدي، فبالرغم من أحداثها البسيطة تحمل في طياتها بعدا تأويليا، وتتوافر على ملامح إبداعية أخرى تقتضي من الباحث إعمال النظر والتأمل، والبحث في ثنايا الصفحات عن سمات خفية سعى الكاتب عمداً إلى إخفائها، فصورة "المصري" توجد خلف حروفها وكلماتها، قصة تحكي حياة رجل عليل، كبر في السن، فأرهقه المرض، واقترب من التقاعد، اسمه أحمد الساحلي، هذا الرجل كان له صديق توفي مباشرة بعد إحالته على التقاعد، فتولد لديه إحساس بأنه سوف يلقى نفس المصير.لأجل ذلك صمم على مسابقة الزمن ومكابدة هاجس الموت، فخرج من المدينة العتيقة بحثا عن قصة مترابطة يخلد بها مدينته تطوان كما خلد نجيب محفوظ مدينته القاهرة بتصويره المتسق والجذاب.
الاتجاه نحو نقد أدبي نسائي - عبد النور إدريس
إصدار جديد للدكتور عبد النور إدريس موسوم ب" النقد الأدبي النسائي والنوع الاجتماعي (الجندر): تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية" عن سلسلة دفاتر الاختلاف، الطبعة الأولى، يونيو 2011، عدد الصفحات 301.
مداخل الكتاب النظرية: الاتجاه نحو نقد أدبي نسائي ( النقد الجندري)
إن الاهتمام بالكتابة النسائية يتطلب التسلح المعرفي بالقضايا "الجندرية"، بما هو الشكل الأولي للعلاقات الدالة على السلطة، خاصة أخذ الحيطة والحذر مما تنتجه اللغة من معاني تحجرت في المعجم الذكوري وفي سياقاته، فانعكست تلك الهيمنة على قراءة النص النسائي، فتمثلت المرأة هامشا في اللغة والخطاب. إن النقد الأدبي النسائي وهو يوظف مقاربة النوع الاجتماعي ينطلق من كون "الجندر" مفهوم يهيكل الإدراك والتنظيم الرمزي لسائر الحياة الاجتماعية، من خلال: الرموز والطقوس الثقافية، والمفاهيم الناتجة عن الدلالات والمعاني الرمزية الواردة في مختلف المذاهب الدينية والعلمية والتعليمية التي ترسم خريطة مختلف التمثلات من جهة، وتحدد بشكل يقيني وموحد معنى كل من الرجل والمرأة و المذكر والمؤنث، من جهة ثانية.