anfasse.orgلست ممّن يغرقون في شبر من الماء، لكني على امتداد شهر وجدتني غارقة في الارتباطات العائلية والاجتماعية، ولا أجد الوقت لإنجاز نص، أو قراءة سطر من كتاب أو جريدة  أولكى أتنفس بعيدا عن الفوضى، الصخب ومزاجية الطقس المتقلب و ما يحمل من أمراض وأعراض حساسية الربيع.. كنت أختلس دقائق صباحية لأجري اتصالا يوميّا مع كاتبنا الكبير (حنا مينه ) لأطمئن عليه.
لم تكن "ساعات من العمر"  حوارا أو لقاءً  للنشر، فصاحب هذا  التاريخ لا يحتاج قلمي للتعريف بعراقة وابداع وشهرة ، ولا أنا ممن يتسلقون على أسماء و أمجاد جيل الكتّاب الرواد  ليزداد رصيدي في دنيا الأدب ..!
لذا حين كتبتها ارتأيت أنه من اللائق أدبيّا وأخلاقيا وذوقا عرضها عليه قبل النشر، واتفقنا  على أن أزوره حين  أودع آخر ضيف حلّ في بيتنا..
***
كان يوم أربعاء، وصلت مشارف دمشق وأنوار" قاسيون" تتلألأ من بعيد، فتحدثت إليه وأجّلتُ الموعد لليوم التالي. ضحك وأنا أقول: اليوم عيد (الحماصنة )، أسهرُ الليلة مع عائلتي و أراك غدا.
 - نستقبل الصباح مع فنجان قهوة.
 - لا تتأخري كي نتغدى سويا..
لم أكن أتوقع، وأنا على بعد شارعين من البيت أن مكان اللقاء سيتبدل، وأعود أدراجي لأذهب إلى مكان آخر لم يكن  يخطر على بالى ولا على بال سواى  ..!
انعقد لساني وتصاعد الدم إلى رأسي، وأبو إسكندر (مرافقه الوفي) يخبرني عبر الهاتف  الخلوي أن (الأستاذ) نقل قبل ساعتين إلى المستشفى في حالة تعب وإعياء..

أنفاستهويمات في رواية "هل تريد أن تكتب رواية "
للكاتب ناجي ظاهر
الكتابة الروائية كما يقول الكثيرون عمل ملزم أكثر من كتابة أي نوع أدبي آخر كالشعر ,والمقالة والقصة. ومشروع بحاجة الى جهد والى مثابرة وتضحية فعلية وإمتزاج الذات بالواقع.وأيمان جميل بالفكرة والكلمة كأيمان كاتبنا .كي يخرج بصورة لائقة كما خرجت رواية الكاتب والقاص النصراوي ناجي ظاهر."هل تريد أن تكتب رواية" والتي نحن بصددها الأن.
الرواية في رأيي الذي استخلصته من قراءتي الممتعة لها .نشيد أناشيد الكاتب ,هي ملحمة واقعية ذاتية هادئة راح الراوي فيها يتحدث عن همه الحياتي من خلال التركيز على بؤرة الضوء الكامنه في روحه وهي فتاة في العشرين من عمرها دخلت عالمه الخاص وأراد أن ينصت الى هم تجربتها من خلال علاقتها به .وصياغتها في عمل إبداعي . زاحمه في حلمه هذا شاب آخر في مثل سنها فهم الحداثة بصورة خاطئة ولم يستطع أن يصل الى جوهرها.
في هذه الرواية يتجلى لنا دخان الكلمة التي حلم بها الكاتب وحاول أن يقولها .تماما كما حلم جبران بكلمة كتابه النبي المتراقصة في سكينة روحه كالضباب. وإذا كانت الرواية تذكّر نوعا ما بكتاب جبران الساحر "الأجنحة المتكسرة "من حيث صياغة الحلم والهروب الى عالم مثالي فسيح حاشد بالرؤى وبالقيم النبيلة وحتمية الحب فهو تعانق أجواء لا غير . فهي منزوعة من لحم الواقع .
وترابية الحياة .رغم حملها البعد الرمزي أو بعد ألأنا/ الآخر الميتافيزيقي .ومشحونة بغيبيته وتوتره ومفاجآت كثيرة داخل السيلق السردي, وهذا ما نلمحه في مسحتها البرجوازية المستمدة من عوالم بلغت حد الروعة في كتابات بلزاك ومحمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم.

أنفاسرواية كتيبة الخراب من الأعمال المتميزة بالساحة الأدبية العربية ، وتدخل ضمن روايات المدينة أو المكان ، نظرا لبلاغة التصوير فيها ولاعتبار الأمكنة غدت فيها أحيانا موضوعا ومكونا من مكونات حبكتها ، وفي هذا الصدد يشير الدكتور خالد مشبال بكون" المكان لاينفصل عن الزمان والشخصية والحدث واللغة وغيرها من مكونات التصوير السردي الروائي..(وهو)فيها مكون محوري يستقطب باقي المكونات ويخضعها له..إن لم نقل يولد السرد ويمنحه الحياة"(1)
في حين يرى الأستاذ فؤادالعزاوي أنه " يصعب الحديث في النقد الروائي عن مكون ما في معزل عن باقي  المكونات، ولذلك فإن اجتثات عنصر معين من تربته النصية بغية بيان صورته أو طبيعته عمل محفوف بالمزالق وعرضة لإهدار فرصة الإمساك بتواشيح مكونات الحسن متدثرة باللغة في انفتاحها غير المحدود على الإمكانيات التعبيرية الخلاقة"(2)

أن هذا الإنطباع تمنحه القراءة الأولى لرواية كتيبة الخراب - التي نرى أنها بالإضافة إلى كونها رواية المكان ، نظرا لحضور الأمكنة المتعددة - هي رواية تحكي صورا أو قصصا مثيرة لأبطالها، بحيث تم تصويرها سرديا بتوظيف أنماط متعددة تاريخية وروائية وشعرية مكنت من صياغة نموذج روائي فريد لكنه واقعي ، مكننا من التعرف على صياغة حبكته الروائية وصور الشخوص وأمزجتها،  ونمط تفكيرها ، تبعا لأمكنة تواجدها ، والتربة انبتتها . وهذه الشمولية في الرصد للواقع جعلتها لوحة ناطقة تبرز العديد من الإختلالات  من خلال مواقف ناتجة عن فعل التخريب ، والهدم والقلق،  والتدمير ، والإحساس باقهر والدونية ، وغياب التواصل ، وكأنها كانت تحفر في عمق الكينونة الإنسانية ، معرية كل إحباطاتها، واقنعتها وزيفها. مما أفرز نظرة وأراء الروائي الواعية والمدركة لمشاكل مدينته ، وبالتالي وطنه. وهو ما جعلنا نلمس قدرته الكبيرة على الإدراك الوجودي العميق من خلال استرجاع الماضي أو الواقع التاريخي ، والإجتماعي ، والسياسي لذاكرة المكان والشخوص على السواء .

أنفاس« كان لدي إحساس مرير و استشعار بالهزيمة ...» *
 ليس تمة شك في أن القصيدة  المغربية الحديثة ، هي إمتداد  لنظيرتها في المشرق ترتبط معها إرتباطا عضويا، و منها تستمد الكثير من عنـاصرها، خصوصا جيل الشعراء الأوائل الذين تأثروا بالتجربة الجديدة ، و بروادها مثل بدر شاكر السياب  و    خليل حاوي،  ، حميد سعيد    نازك الملائكة وأدونيس...لتأسس لها بعد ذلك خصوصياتها التي تميزها ، لكن هذا التميز لا يعني الانفصال التام ، بل إن عناصر الاتفاق أقوى من عناصر الاختلاف ويرجع السبب إلى تشابه الشروط التاريخية وا لسياسية على الخصوص فشروط التخلف و القهر و المجتمع السلطوي ، وما واكب كل ذلك من إنكسارات وهزائم متتالية ( نكبة فلسطين- هزيمة 67...) والهجمة الشرسةعلى رموز اليسار الداعين إلى الانعتاق و الحرية ، كل ذلك  أدى إلى توحيد الرؤية  لدى العديد  من الشعراء العرب ، رغم اختلاف مشاربهم و انتماءاتهم  الفكرية و طبقاتهم الاجتماعية ، هذه الشروط التي حكمت واقع الشعراء سنجد لها إنعكاسا واضحا في قصائدهم، ويمكن أن نرصد هذا  الانعكاس أو هذه الرؤية  في هيمنة وسيادة  ثنائية بارزة رغم  اختلاف مسمياتها هي :  ثنائية  الحزن و الفرح  أو الأمل  و الألم  ، الهزيمة  و لانتصار و أحيانا  الفجر و الليل  ، المشرق والمغيب ،  الحياة الموت ، الشهادة و الاستشهاد ....
«...لم يعد الشاعر المعاصر يرى الجانب الناصع  وحده أو الجانب الـقاتم وحده ، و إنما هو يرى الجانبين ممتزجتين هو في قمة  تعاسته يدرك أن ضوء الصبح ينسلخ من ظلام الليل...» 1 هذا الحكم على الشعر العربي المعاصر من طرف د عز الدين إسماعيل  نجـد له صدى لدى بعض النقاد المغاربة يقول الناقد إدريس   الناقوري :                                     
 «...إن مجرد إسـتقراء عام   للأشعارالمنشورة منذ أوائل ستينات على الأقـل ،  يكشف وجود محورين يستقطبان معظم اهتمامات الشعراء المغاربة... هما ظاهرتا الألم و الأمل...»  2  و يعبر أحمد المديني عن التجربة بقوله «… كان  الوجدان الشعري يغلي ذاتيا و يحترق بوقود المطامح المتبخرة، وبإجهاض مشروع التحرر الاجتماعي ، و هك ذا فإن أمامنا شعرا مصعوقا بالخيبة...» .3

انفاستخضع كل قصيدة شعرية لبناء معين يضمن لها تماسكها . هذا البناء يخضع في أغلب الأحيان للمستوى الدلالي ، الذي نستطيع بواسطته تقسيم القصيدة إلى وحدات شعرية مختلفة المضمون ، متآلفة الإيقاع والوزن ، إلا أن اختلاف المضمون والدلالة لا يعني استقلالية كل وحدة ، بل إن هذه الوحدات متماسكة ومنسجمة فيما بينها على مستوى البنية العميقة للدلالة والرؤية الشعريتين .
ولعل بناء القصيدة الشعرية الجاهلية قد اتخذ شكلين متباينين : بناء فخم ، تمتاز فيه القصيدة بالطول ، وتضم عدة وحدات أولاها وحدة الطلل أو النسيب ، ثم وحدة ذكر رحيل الأحبة ، ثم وحدة وصف الفرس أو الناقة ، فوحدة المدح أو الهجاء ‎أو الفخر ، وأخيرا وحدة الموعظة أو الحكمة ... إلى غير ذلك من الوحدات التي تدخل ضمن هذا البناء كوحدة الليل ووصف الذئب أو الوادي ...
أما البناء الثاني الذي نجده في القصيدة الجاهلية ، فهو ذلك البناء العادي والبسيط الذي يتناول فيه الشاعر - وبطريقة مباشرة - موضوعه الرئيس الذي يعبر من خلاله عن أحاسيسه ومشاعره اتجاه الحياة والكون . إنـه نمط بسيط في شكله لا في جوهره ومحتواه . إن بساطته ليست سذاجة ، بل شكلا من أشكال تصنيف وتنضيد القصيدة الشعرية.
وإذا كان هذا البناء النمطي البسيط شائعا في القصيدة الشعرية الجاهلية ، فهو أقل شهرة من نظيره الفخم الذي عرفت به المعلقات والقصائد المشهورة التي اهتم بها النقاد العرب القدامى والمحدثون .
إن البناء البسيط للعمل الشعري يشكل تجليا من تجليات حضور الواقع بشكل مكثف بعيدا عن كل فنية . إنه تعبير عفوي مباشر عن أفكار الشاعر وأحاسيسه وعواطفه؛ هذه الأفكار وهذه العواطف غالبا ما تمتاز بالتأزم الشديد ، والرغبة في الكشف عن المجهول واستشراف آفاق المستقبل ، وتحقيق ما هو أفضل .

انفاستحضرني مقولة الجاحظ المشهورة: " المعاني مطروحة في الطريق" التي تكرس الجانب التعبيري وتغليب "الصياغة اللفظية عند الأديب، ولعل ما أملى عليه مضمون مقولته هذه، طبيعة الرؤية كما تجلت في ديوان الشعر العربي والمتمحورة حول مسألة الأغراض الشعرية، وهذا ما أفرز في عصور لاحقة ثنائية: شعر الطبع- الذي استمر طيلة خمسة قرون ونيف – وشعر الصنعة الذي رفع لواءه الشاعر المتأمل أبو تمام ليفتح للشعر العربي جبهة جديدة حينما قلب المعادلة وغلب جانب المعنى على جانب اللفظ. وهو ما خلف حينها رجة ترددت أصداؤها في كتب البلغاء والنقاد والأدباء على حد سواء، غير أن هذه المعادلة لم تتحرر منها القصيدة العربية طوال مسيرتها ـ بعد ذلك ـ والتي عرفت مدا وجزرا بفعل الصراع الذي ظلت تتوقد شرارته من عصر إلى عصر بين تيارين أساسيين:
تيار الثقافة الأصولية التي كانت تحن إلى النموذج الأرقى المحافظ للقصيدة العربية الاتباعية.
تيار الثقافة المحدثة والمتفتحة على نماذج فن القول في الثقافات الأجنبية.
إلى أن حسمت اللسانيات الحديثة هذا الجدل الذي عمر طويلا في النقد العربي، وفصلت في الأمر حين اعتبرت أن اللفظ والمعنى في كل الاحتمالات هما وجهان لعملة واحدة.
أثارت انتباهي مقولة الجاحظ وأنا أتصفح ديوان الشاعر الرقيق محمد الشنتوفي: "الغابة الأولى"(1)، لأكتشف بعد ذلك مدى الجهد الذي بذله صاحبه في البحث عن المعاني التي أهلته لينغمس في طقوس الكتابة والتوغل في التأمل الرصين الذي حرضه على ولوج عتبة الإشراق الشعري.
يختزل عنوان الديوان حمولة دلالية تستفز القارئ منذ الوهلة الأولى، إذ يحيل على مدى احتفاء الشاعر بجلال المعنى المغيب، "فالغابة الأولى" كناية يمكن أن تنسحب على كل ما ترسب في الذاكرة ـ تحت سبق إصرار الشاعر ـ فهي ملجأه الذي يحتمي به، هي مجاله الذي يستقي منه ما يزخر به من رؤى، إنها العالم المجازي الذي يترصد فيه طرائد الشعر العصية في عملية بوحه الشعري، إنها في النهاية زاده الذي استوحى منه قصائده المبثوثة في هذا الديوان.

انفاسإن الوضع الوجودي للإنسان، هو في العمق تعبير عن عجزه  أمام الموت الذي يعصف به، و يغير كل شيء،  لذلك أدرك الشاعر منذ البداية أن المنية أمر محتوم، لا مفر منه ، يقول طرفة :
               لعمري إن الموت ما أخطا الفتى  **  لكالطول المرخى و ثنياه باليد     
و تمنى الشاعر تميم بن مقبل لو أن الفتى حجر، إن رؤية الشاعر تبرز أن الحياة هشة، سريعة الانكسار1. فنظرة الشاعر الجاهلي للموت في الأعم هي نظرة تحكمها علاقته بالطبيعة ، لأنها مجال بحثه و تجاربه ، فالسيف و الفرس و البطولة و الخمرة و المرأة هي سلاحه لمقاومة الموت في انفتاح الطبيعة أمامه    «... فالشاعر يعيش في جدل مع الطبيعة المتموجة كالرمل و مع الدهر القاهر ».2 أما الشاعر العربي المعاصر في ظل التجربة التي يعيشها ، تجربة الهزائم و الإخفاقات  المتوالية ، من الخليج إلى المحيط ، هذه الإخفاقات ولدت لديه هذا اليأس و الاغتراب و ال حزن الذي ميز الشعر العربي المعاصر، هذه  المعاناة أثمرت  « تجربة الموت و من هذه المعاناة بدأت تتولد في أعماقه معاني الولادة و التجدد و البعث » 3  و بالعودة إلى المنجز الشعري المعاصر سندرك كيف شكل الموت هاجسا شعريا في تجربة الشعراء وهو عندهم لا يعني الاستسلام و الانهزام بل تحمل مسؤولية  الحياة 4 فالصورة التي يقدمها لا تتسم بالسقوط و الفناء، إنه الموت حين يتجدد و يبعث على الحياة كما الحال في قصائد الشعراء الرواد مثل ادونيس و خليل حاوي و السياب و نازك الملائكة و أمل دنقل.. وإن اختلفت الرؤية الفنية فإن الموت لا يخرج عن معاني التجدد و البعث و الانتصار و الحياة .
 يقول السياب :
               أود لو غرقت في دمي إلى القرار
              لأحمل العبء مع البشر
               و ابعث الحياة ، إن موتي انتصار     5  أنشودة المطر

انفاستقديم
إن التطور المهم الذي  شهدته الدراسات النقدية المعاصرة ،  أفضى إلى  ظهور مفاهيم  و مصطلحات     جديدة،  هذه  المفاهيم أعادت  الاعتبار إلى  جوانب أساسية  في النص الإبداعي ،  حيث  طل التعامـل    معها هامشيا إلى  وقت  قريب،   ومن أهم هذه المصطلحات :  النص الملحق أو الموازي paratexte .النص الموازي أو الملحق - أو المصاحب - 1 هو ما أصطلح عليه  في أغلب الدارسات النقدية العربية     بالعتبات – أو عتبات الكتابة -   و يقصد  بذلك ،  جميع العناصر المرتبطة بالنص أو الأثر الأدبي و التي    تشكل  مدخلا لقراءة  النص فهذه العتبات هي التي ستقود القارئ ، الناقد إلى مركز الانفعالات ، و حركية   الحياة في مسالك النص 2 ،   بمعنى آخر تشكل هذه العتبات قنطرة أساسية  للعبور إلى النص ، و النص   بدون هذه العتبات أو المداخل  سيكون عالما مغلقا يصعب اقتحامه.  و يعتبر الناقد الفرنسي  جيرار جينيت g.  genette    من أهم المنشغلين  بالنقد  في هذا المجال ، خصوصا عند  صدور كتابه الهام  – عتبات -  - seuils -  الذي صدر سنة 1987 .  وقد  تحدث جينيت عن ما أسماه المتعاليات النصية ،  ومن أبرز هذه  المتعاليات :  pratexte  أو المناص و يعتبره  كل ما يدور في  فلك النص  من  بعيد أو قريب و قد قسـمـه  إلى النص الملحق المباشر peritexte-  - مثل العنوان  و التمهيد و الإهداء و النص الملحق غير المباشر  Epitexte  مثل الاستجوابات و المراسلات... 3
 هكذا  تصبح هذه العتبات عبارة عن  مداخل للنص ،  تشرع أمام المتلقي الطريق لاقتحام هذا النص ،  و من  خلالها يبني أفق إنتظاراته  و توقعاته ،  وهذه العتبات  لها وظائف متعددة ،  و تتخذ أشكال  مختلفة  «... لها سياقات  توظيفية  تاريخية  و نصية  و وظائف تأليفية  تختزل جانبا من منطق الكتابة. »4   فهذه العتبات إذن مثل  اسم  المؤلف ، العنوان ، العنوان  الفرعي ، الإهداء ، التقديم ، الغلاف ، الصور ، الألوان ، الطباعة  شكل  الحروف... كل هذه العتبات  تحمل  في  جوهرها دلالات  مباشرة، أو غير مباشرة  لها صلات  و وثيقة بحمولة النص ،  بالإضافة إلى  دلالاتها الرمزية  و الإيحائية و التي  تشكل عنصر إثارة  تدفع القارئ إلى التعامل  مع النص انطلاقا من  تمثله  و تأويله لهذه المداخل .  وهذه العتبات  يتحمل كل  من  الكاتب و الناشر دورا أساسيا  في  تحديد  معالمها ،  ذلك أن المبدع أثناء  كتابته  للنص ،  و اختياره  للعنوان ،  و الإهداء... يظل المتلقي  حاضرا في  ذهنه ،  فهو يسعى إلى  إثارة انتباه القارئ  بل إلى استفزازه  أحيانا ،  ثم يأتي دور الناشر – الطبعة –   من  خلال  طريقة  إخراجه  للعمل و اختاره  لشكل الغلاف  ،  نوع الورق ،  الخط ، الألوان ، التصدير ، الحواشي ... وقد  يتم  ذلك  دون استشارة  الكاتب .  لكن  ما يهمنا  في  هذه المداخلة هوالتركيز على عتبة  واحدة  من هذه العتبات : الإهداء ،  مع محاولة إبراز نماذج من هذه الاهداءات المتصدرة للدواوين الشعرية المغربية المعاصرة .