
إدوارد سعيد لم يكن مفكرا فذا فحسب، ولكنه كان أيضا نموذجا فريدا، حتى أن الناظر إليه لم تكن عيناه لتخطيء أنسنيا فذا، أودع ذاكرة الحياة أروع ما يملك، وهو بصيرة ثاقبة، وقدرة عبقرية على النقد والإبداع! وأراني في هذا المقال قاصرا جهدى، على رصد وتحليل الاسهام الادورى المهيب فى مجال الفكر الأنسني، بكل ما ينطوى عليه من روعة وثراء، علاوة على سعيي لبيان مدى تأثير هذا الاسهام على رؤيتى للفكر الأنسني، على تواضعها، مقارنة بالاسهام الادورى! أفعل ذلك رغم قناعتي المحزنة والمحبطة بوقوف المناخ الثقافي المهيمن حاليا فى عالمنا العربي حائلا دون تحقيق أُمنيتي، وأظنها كانت أمنية ادوارد قبلي، أن يجد هذا الفكر له ملاذا آمنا فى ربوعنا، فعلى الساحة تتصارع تيارات ثقافية بالية، لا تُسمن ولا تُغني من جوع، يبرع أنصارها وهم كثر، بشكل لافت، فى الترويج لأفكارهم، المعلبة والمشفرة والمغلقة على النقاش، بدعوى صلاحيتها لكل زمان ومكان، هازئين بذلك من سنة كونية تقضي بديمومة التغير والتطور!