
من ذلك التداخل نودّ التطرق إلى مسألة مال الكردينال. فللأسف أن الكنيسة في التاريخ الغربي إلتصقت بشكل دائم بأرباب الثروات والإقطاعيين، رغم ادّعائها أنها حاملة بشارة السيّد المسيح وراعية الفقراء.
على إثر عدة فضائح مالية هزّت الكنيسة خلال سبعينيات القرن الماضي، أشهرها تورط بنك الكنيسة، "بنك أمبروزيانو"، في عمليات فساد، اضطرّت القائمين عليه لغلقه. في أعقاب تلك الفترة ترأّس الكردينال كاميلو رويني "المؤتمر الأسقفي الإيطالي"، وأعلن الرجل حينها عجز الكنيسة عن دفع أجور موظّفيها. بعد عشرين سنة من ولايته بُدِّلت الكنيسة غير الكنيسة، عادت لها عافيتها وصار الجميع يخطبون ودّها، ساسة ورؤساء أحزاب، وبلغ تأثيرها في إيطاليا من حزب "التحالف الوطني" اليميني المتطرّف إلى حزب "إعادة التأسيس الشيوعي". وبات الجميع يتبجّحون بميولاتهم الدينية ويحرصون على التردّد على قدّاس الأحد. في أبريل من العام الماضي، انسحب رئيس حزب إعادة التأسيس الشيوعي ورئيس مجلس الشيوخ، فاوستو برتينوتي، في خلوة روحية مع نسّاك بشبه جزيرة مونتي آثوس باليونان، الخاصة بالذّكور والمحرّمة على الإناث، بشرا وطيرا وحيوانا.
فترة ربيع الكنيسة في إيطاليا من حيث النفوذ السياسي والاجتماعي، انطلقت مع الكردينال رويني، رغم تراجع عدد الرهبان من ستين ألف إلى 39 ألف. صارت الكنيسة لا يعنيها أن تكون ملح الأرض، بل أن تتحكّم بسلطان الأرض. وهو ما حدا باللاّهوتي المنشق جوزيف راتسينغر ليقرّ أنّ "الكنيسة بصدد التحوّل إلى عقبة رئيسة للإيمان. فليس فيها غير طموح بشري للسلطة. والمسرح الصغير من الناس، بادعائه تسيير المسيحية الرسمية، يبدو حقا العقبة أمام روح المسيحية".