تقديم:
إن إثارة الجدل حول موضوع السينما والتربية، هو إثارة لجدل عام وشامل حول إكراهات الإيديولوجيا، والرهان التربوي، والعنف الرمزي، والمؤسسات المجتمعية، والأجهزة الإيديولوجية، وحول أجيال الطفولة، والشباب والبالغين وهي أيضا استكناه لقضايا الممارسة الإبداعية ولغايات الممارسة الفنية عامة، وهي كذلك تفعيل لأسئلة السينما وأسـئلة التربية وأسئلة أخرى تهم عطب الشخصية، وهوية الإنسان التربوية، وأهداف التسلية، والدور التربوي والتعليمي للصورة، وشخصية المتلقي، بالإضافة طبعا إلى سؤال النسق العام الذي تتأطر فيه هذه الأشياء كلها.
إن الحديث عن السينما والتربية هو مساهمة تسعى إلى تأكيد خطورة إلغاء وتأجيل وإقصاء جدل "الرهان التربوي" الحقيقي، ذلك الذي يسعى إلى توريط كل المجالات وكل الإطارات، وكل الجهات في إنعاش الحديث التربوي من أجل تحديد أرضية - يساهم فيها الجميع- يكون الهدف منها تحسيس كل مكونات المجتمع بواجباتها التربوية وبحقوقها في المجال نفسه، خاصة أن المسألة التربوية مسألة مهمة في أصلها، يخضع لها الجميع ويساهم فيها الجميع أيضا، لكن ليس بالضرورة انطلاقا من وعي كامل لغاياتها ولطبيعتها، ولهويتها ولأسسها ولخطورتها كذلك.
"رَبيعُ الرّيح"(1).. اليمَن الكلِيم والصّرخة الوَاجبَة ـ زهير فخري
"يَا وطنِي فاشهَدْ
هَا قد بّلغتْ
مِن أنبَاء المَشهدْ
مَا قد أبصَرتْ" (2)
يَسعى الشاعرُ اليَمني مَنصُور راجح، وهو يتتبعُ القيامَة الجَارية ببلده، من خِلال كتابَاته المتواصِلة، إلى أن يكون شاهداً على مرحلة عَصيبة من تاريخ اليمَن المُعاصر. ولعلّ سقفَ الحُلم لديْه أعلى من مُجرد الشَّهادة، بل يَكاد يُوازي فعلَ الاستشهَاد، وهو ما عبّر عنهُ في بعضِ كتابَاتهِ التي اشتبَكت، ومَا تزَال، معَ مجرَيات الثورَة اليمَنية المُجهَضة، وتفاعَلت مَع سِياقها المَحلِّي والإقليمي ثم مَع انزياحِهَا المُدبَّر والذي يجُرّها إلى جهَة غيرِ مَعلومَة.
الإصدارُ الجديد الذي وسمَهُ منصور راجح ب ”ربيع الرّيح” والذِي صَدر له، قبلَ سنةٍ مِن الآن، بلندُن، ضمّنه أشعاراً ومقالاتٍ سياسيَة، كلّها، على اختلافِ خصُوصيتها، تدورُ في فلكِ الثورَة، ما جَعل النصُوص الشعريَة في الكتاب تتعرَّى من خصوصِية الشعر وتقولُ مَحمُولَها بلغة واضحَةٍ قريبة من جلدِ الأرض وبَعيدةٍ عن سَماء المَجاز.
الأدب المغربي والأدب العربي ـ هادي معزوز
" الفرار ليس بالتدقيق هو السفر، كما لا يعني التحرك، لأنه بداية هناك أسفار على الطريقة الفرنسية، أسفار تاريخية جدا وثقافية جدا ومنظمة أيضا (...)، وتثنية لأن الفرارات يمكن أن تقع في نفس المكان عن طريق سفر ثابت..."
جيل دولوز ـ حول تفوق الأدب الإنجليزي / الأمريكي ـ
" الرواية العربية تستطيع مستقبلا، أن تدعم مسيرة تجديد المتخيل الاجتماعي وبلورة القيم التي تنقل مرجعية الصراع الاجتماعي وقوانينه وقراراته من السماء إلى الأرض."
محمد برادة ـ فضاءات روائية ـ
" بالعواطف النبيلة نكتب أدبا رديئا..."
أندري جيد
تختلف تصنيفات الأدب من ناقد إلى آخر، ومن كاتب إلى آخر، وأيضا من قارئ إلى آخر، حيث نتحدث عن أنواع عدة من الآداب وإن كان لها نفس الهدف الأنطولوجي، ونفس الغايات المشتركة، والمتمثلة بالتدقيق في سؤال الغوص في أعماق الإنسان، لهذا نتحدث سواء بوعي منا أو بغير وعي، عن الأدب الفرنسي، والأدب الإنجليزي، والأدب الصيني، والأدب العربي وهلم جرا... على العموم هناك مشترك بين كل ما ذكرناه آنفا، ألا وهو مصطلح الأدب، بيد أن مكمن الاختلاف يسكن ما نسب إليه مصطلح الأدب، وهو ما يزرع فيه منطق الاختلاف وإن كان أدبا في نهاية الأمر، حيث تتدخل عديد العوامل في هاته النقطة من سياسية وتاريخية وإبستيمولوجية وبنيوية، لكن ولكي لا نضفي طابع التعميم الأجوف في هذا المقام، سندقق القول أكثر فأكثر على أدبنا المغربي في علاقته بالأدب العربي بصفة عامة، من ثمة أمكننا أن نطرح جملة من الإشكالات في هذا الصدد يبقى من بينها: هل الأدب المغربي أدب عربي في نهاية الأمر؟ أين تكمن أوجه الاختلاف والتشابه بين الأدبين؟ بل هل يعتبر الحديث عن أدب مغربي في مواجهة أدب عربي صحيحا وسليما، أم أن هناك من الخصائص ما تفرق بين الإثنين أكثر مما تجمع بينهما؟
صناعة الحلم في السينما ـ عبدالله الساورة
" أؤلئك الذين يحلمون بالنهار يعرفون أشياء تهرب عن أؤلئك الذين يحلمون بالليل" هل تصدق مقولة الشاعر الامريكي ادغار
الآن بو عما يمثله الحلم في السينما؟ وكيف تعاملت السينما مع الحلم؟
ومن أين يأتي الحلم؟
من هنا!
السينما هي فن الحلم، حسب سيغموند فرويد. وتتأسس في مجال بصري بطبيعتها، فهي غالبا تعتبر ك" مصنع للأحلام"، حيث المتفرج يلج في حالة ثانية لأناه التي تتماهى مع شخصيات الفيلم. أما السينما فهي تقدم العديد من الأدوار المتعددة: السينما فرجة، متعة، رابط بين العوالم المتخيلة والواقعية. وهي نسخة مصورة من الحلم بدون أن تفقد علاقتها بالواقع، لكن السينما تتعالى عن هذا الواقع لتقدم هذا المتخيل القريب من الانتظارات العميقة للمتفرج.
ملامح من صور الفقر والفقراء في السينما العالمية ـ عبدالله الساورة
علاقة السينما بموضوعة الفقر، علائق معقدة وشائكة في السينما انطلاقا من رؤى المخرجين وتصوراتهم الفكرية وكذلك من خلال تعامل السينما مع البحث عن إيجاد صورة نمطية للفقراء بأبعاد متعددة وغنية.
فماهي ملامح الفقر في مجتمعاتنا؟ وكيف تعاملت السينما مع تيمة الفقر؟
كيف رسمت السينما صورة نمطية عن الفقر والفقراء؟
هل تغيرت الصورة الإجتماعية للفقر أم ترسخت في أشكال أخرى أكثر هشاشة وبؤسا؟
وهل غيرت السينما من صورتها النمطية للفقراء؟
كيف سلطت السينما على الجوانب الإيجابية والسلبية للفقر؟
وهل حدت السياسات والتشريعات من انتشار الفقر؟
الكلام المرصع : سفر في نص " رائحة المكان " للدكتور عبد الإله بلقزيز ـ عبد المطلب عبد الهادي
1 ـ حين تصبح الحكاية بابا للدخول..
تُفتح للأمكنة الأبواب.. يلجها شاهرا قلما/مفتاحا لفك مغاليق الأبواب.. باب يُسلمه لباب.. باب البيان.. باب الكلام.. إلى آخر الأبواب.. باب الغيوم.. وبه توصد الأبواب وتنغلق الحكاية لتعود إلى مهدها.. إلى سرها.. "جدتي كم أحبك"(ص188).. لتترك القارئ ـ عاشق الحكي ـ مغسولا بالطلل، من عتبة الدخول إلى موعد الخروج كاشفا سر السفر والروائح والأمكنة..
الأبواب تُفتح على الأسرار.. لا تنفتح إلا لتبسط ما بداخلها.. يقال في المثل.. "سر الدار على باب الدار ".. وسر الحكاية عند باب الحكاية.. أقصد عند مفتتحها..
2 ـ حين يصبح المكان أمكنة متعددة..
"رائحة المكان" هو في الحقيقة روائح وأمكنة متعددة، فضاءات كوشم انطبع عميقا في ذاتٍ خبرت أسرار السفر، فأصبحت تجوالا إلى ما قبل وما بعد وما سيأتي من حكي تُطرِّزه حكّاءة ماهرة تجيد فن الوشم على ذاكرة متعطشة تنفتح على العالمببطء يسمح لها بالتعلم واحتضان الفضاءات والأمكنة بروائحها وأسرارها آمالها وآلامها وحفرياتها ورجالها ونسائها.. كما تُجيد فن ترصيص الحرف على الحرف بطيئا وئيدا، ليكون للحفر عمقا لا يُشوه معالمه الأيام وذكرى كلما هبَّ على الأمكنة نسيم يعيد الحكاية إلى الواجهة وتظهر الجدة بهيبتها وجلستها الوازنة تعطي الحكي ألقه وقوته..
فيلم الأوسكار (Birdman) : أجنحة الخلاص! ـ سهام العبودي
(إنــَّه اليوم الأوَّل بعد ماضيك!)
تبدو هذه الجملة هي الأنسب لمشهد النهاية في فيلم (birdman)، فيلم الأوسكار الأوَّل في حفل هذا العام، هذه اللحظة التي يستيقظ فيها البطل على واقع جديد، على لحظة مختلفة عن جملة لحظات حياته السابقة، لحظة النجاة من الماضي!
قد تبدو مسألة النجاة من الماضي هذه مرتبطة بالسوءات، والخسارات، لكنَّ الفيلم يمنحنا نظرة فاحصة على وجه من وجوه الحياة: إنَّ مسألة الفشل مسألة واهنة، إنَّ مصيرها مقرَّر: هناك – دومًا – خطَّة تالية مقبولة بالحدِّ الأدنى من النجاح، الحدِّ الأدنى هذا يجعل الفشل امتيازًا غير منظور حين نقارنه بمسألة النجاح العظيم، ثمَّ النجاح الأقلِّ، أو عدم النجاح، هل تعرفون كيف يبدو الأمر حين ينجح الابن الفاشل للعائلة؟ كم يبدو مريحًا ارتفاعه سلُّمة واحدة؟ بينما يبدو فظيعًا أن يهبط الابن الناجح هبوطًا طفيفًا؟ الفاشل لا يحمل تركة مقايسة، إنـَّه حامل الصفر، والصفر سهل الإزاحة، ليس الأمر كذلك بالنسبة إلى رصيد مذهل من النجاح: إرث ثقيل تصعب إزالته، وهكذا يدور بطل الفيلم (ريغان) – يؤدي دوره الممثل الأمريكي مايكل كيتون – مثقلاً بعبء نجاحه، أسيرًا لنجاح مثالي تجسَّد في شخصيَّة بطلٍ خارقٍ قدَّمها في سلسلة أفلام حقَّقت شهرة ساحقة، لكنه نجَّاح ملغـَّم بفكرة عبء التجاوز,
كتابة ضد الكتابة ـ د. عبدالجبار الرفاعي
هلع الكتابة:
منذ بدأتُ الكتابة مازلت أتهيّب الكتابة، ففي كل مرة أقرر أن أكتب أحاول الهروب، وغالباً ألتمس الأعذار بانشغالي، وندرة ما يتوافر لدي من وقت فائض اُخصصه للكتابة، وربما هربت إلى حيل نفسية، تنقذني من مأزق "هلع الكتابة". كنت أحسب أني مصاب بشلل في الإرادة، وأني أنفرد بذلك، غير أني اكتشفت أن معظم الكتاب الجادين يعانون من ذلك، ولعل من أعنف توصيفات وجع الكتابة ما تحدثتْ عنه الأديبة آني إيرنو، بأن "الكتابة كخنجر"[1]، أو قول إرنست همنغواي عندما سُئل عن أفضل تدريب فكري لمن يريد أن يصبح كاتباً، فأجاب: "إن عليه أن يذهب ويشنق نفسه، لأنه سيجد أن الكتابة صعبة إلى درجة الاستحالة. ثم ينزل عن المشنقة، ويفرض هو على نفسه أن يكتب على أفضل ما يستطيع للبقية الباقية من عمره. عندها ستكون لديه قصة شنقه كبداية"[2].