حوار مع معد ومقدم برنامج (مشارف)، أهم برنامج ثقافي على التلفزيون المغربي
أجرى الحوار:
المبارك الغروسي (كاتب ومترجم من المغرب)
يعتبر برنامج (مشارف) من المواعيد الثقافية النادرة على المحطات التلفزيونية المغاربية والعربية. ينتظره المثقفون بشغف وشوق باعتباره نافذة متميزة على عوالم الفكر والثقافة والأدب. برنامج يحظى بنجاح خاص بين عموم المهتمين الذين لا يلهيهم عنه ضجيج الاتساع الإعلامي الفضائي والصخب التلفزيوني.. والسر في نجاح البرنامج بين عموم المثقفين وكذا نجاحه في الوصول إلى جمهور جديد للثقافة خصوصا في أوساط الشباب متعلق بالتأكيد بكون معده ومقدمه من أهل الإبداع والثقافة. شاعر وأديب شاب ومبدع أنيق، أحسن إدارة البرنامج وأجاد تقديمه وجمع فيه بين بشاشة المحيا وأناقة العبارة. اقتربنا من المبدع الشاعر ياسين عدنان لمحاورته والحديث عن "مشارف"، مساره ورهاناته وآفاقه وكذا كواليسه وما يعترضه من عراقيل.
أسطرة البوح الأنثوي :قراءة في سرديات بسمة الشوالي ـ عماد كامل
الجسد ذلك الكائن الوجودي الذي يحمل دلالات كثيرة تعكس الفضاء القيميّ الدال على المنظومة الثقافية المنتسب إليها، فالجسد كائن لا يفهم بغير سياقه التاريخي والثقافي والإيديولوجي، وبقدر ما يحاول الإنسان التعرف على فهم لغة الجسد فأنه سيعرف ما حوله من أسرار الكون،لأن الجسد اختزال للعالم،بل هو كما يصوره إبراهيم محمود هو الكائن في العالم،ولكنه المكون فيه والمتكون به،وهو الذي يكون باستمرار باعتباره حقيقة تدرك أكثر فأكثر كلما كان هناك تشعب أكثر في العالم، وقد حظي الجسد باهتمام الفلاسفة والمفكرين منذ القدم فقد اعتبره أفلاطون الحاجز الذي يمنع سموّ النفس إلى عالم المثل،فهو السجن الذي لا خلاص للنفس
منه إلا الموت.
أما الفلسفة الحديثة فقد حاولت الفصل بين الجسد(البيولوجي) المادي،والجسد الذاتي(المعنوي) إذ اعتبر الجسد أداة لتواصلنا مع العالم،حيث يرى بارت إن الفترات التي يهب فيها الجسد ذاته كانت محدودة جدا في المجتمعات التقليدية ومفصولة عن بقية فترات الحياة،فترات الاحتفالات التي كانت تسمح للمرء بأن يلبس بشكل مختلف:الأعياد والرقصات الطقوسية،وكانت الحياة منقسمة إلى قسمين:لحظة يعطي فيها الجسد عبر الاحتفال،وهذه نادرة جدا.والجزء الثاني والأكبر من الحياة ينمط المألوف،حيث لا يوجد الجسد إلا ضمن إطار العمل.
الانزياح في قصيدة "عزاء على بطاقة تهنئة" لأحمد مطر ـ مديحة عتيق
مقدمة:
ينزع النص الأدبي إلى تحقيق هويته من خلال الاختلاف عن الخطاب الشائع ، والتعالي على مرتكزات التعبير التقليدي مستنكفا بذلك عن كلّ ما هو قارّ وثابت ، كأنه يؤسس ذاته وجماليته في تمرده عن التأثير القواعدي/النحوي، والتواصل اللساني ، فيتحوّل إلى مغامرة داخل اللغة تهشّم عناصرها ثم تعيد بناءها في حلة جديدة، فالكلمة الشعرية "هي نفس الآن موت وانبعاث للغة "(1)
وهكذا يغدو النص الأدبي لغة خاصة ضمن اللغة العامة، وخطابا غير عاد ضمن الخطابات التواصلية العادية ، وقد ظهرت مصطلحات عديدة تبحث عن خصائص هذا الكائن اللغوي المتميز،ومنها "الانحراف")Deviation)، "المخالفة"Infraction، الخرق Transgression، الانتهاك Viol، وكل هذه التسميات تحمل تلوينات دلالية مختلفة ، لكنها تقارب مصطلحا شائعا وهو "الانزياح"L’ecart، وقد عرّف باعتباره " حدثا لغويا جديدا يبتعد بنظام اللغة عن الاستعمال المألوف ، وينحرف بأسلوب الخطاب عن السنن اللغوية الشائعة" (2).
وقد ارتبط هذا المصطلح بجدلية لغة النثر ولغة الشعر.فالشعر هو أكثر الفنون الأدبية ولعا بالزيغ والمخاتلة ، وتخطّي الثوابت السائدة "فالنثر هو بالتحديد اللغة الطبيعية ، أما الشعر فلغة الفن أي لغة مصنوعة ،...وكون النثر هو اللغة الشائعة يمكن أن نتحدّث عن معيار تعتبر القصيدة انزياحا عنه"(3)
قراءة في المجموعة القصصية '' عندما تغادر العصافيرأقفاصها '' للكاتب المغربي عبد الغفور خوى
عندما تتأمل في عنوان المجموعة القصصية للكاتب عبد الغفور خوى تتفاجأ منه حيث يبحر بك في متاهات فلسفية غاية في التعقيد ،وتؤكد ذلك صورة الغلاف التي تحتوي على عصفور يحترق فوق شمعة تذيب نفسها هي أيضا وسط مركب صغيروعينان جاحظتان ترقب تربص الأمل المفقود وسط ظلام حالك لا يبشر بالخير .
والجولة في هذه المجموعة جولة في الزمان والمكان فما تراه ليس مجرد قصص عابرة بل نقوش تركها الزمن وعبرعنها الكاتب بكل مصداقية وشفافية و حين تتوقف أمامها تتأملها وتحاول فك شفرتها حتى تفاجئك وهي تروي لك الوقائع وتستحضر الأحداث والتاريخ و تتركك تتحاور مع أبطالها .
وتأتي أهمية المجموعة التي اتخذ ت من هذه الصور وسيلتها الرئيسية للتعبيرعن حالة القلق التي يعيشها أبطال قصصها تجاه ما يجري حولهم بلغة شديدة التكثيف والتباين، وهي أولى إصدارته القصصية ، عن المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات- مراكش ، وتضم بين دفتيها أكثر من ثلاثين قصة قصيرة جدا ،تتوزع على اثنتين و تسعين صفحة من الحجم المتوسط .
وقد استهلها عبد الغفور خوى بماهية السؤال الذي شغل بال الكثيرين'' لماذا الكتابة'' ( قصة لماذا نكتب) هذا السؤال الأبدي الذي اكتشف له إجابة أنه مطمح للتأمل والحرية وامتداد للروح، مبحرا في ثتايا الواقع المعيش بطرح أفكاروتساؤلات تسايرمناحي الحياة الحديثة للمجتمع .
قراءة في ديوان ''قوافل الثلج'' للشاعر المغربي عبد اللطيف غسري ـ محمد محقق
قوافل الثلج أو عشق الشاعر المتدفق ينابيع من العواطف الجياشة تجاه المعشوق هو مقاربة منفتحة لشعر الشاعر المغربي عبد اللطيف غسري والمستهل بقصيدة( '' وتمرين بي'' إلى'' المتكالبون على رغيف الوقت'') فالرؤية الجمالية والتخييلية لهذه القصائد تبدو وكأنها قطعة موسيقية يسودها التوافق والانسجام اللذان يسموان بالنفس إلى مقامات البهجة والإنبهار، وهو يتألف من 96 صفحة من الحجم المتوسط ويتضمن 29 نصا شعريا من القصائد العمودية تتخللها نصوص تفعيلية ، وهذا الديوان تم إصداره عن مطبعة تبوك وهي الطبعة الأولى للكتاب الذي هو قطعة من حلم الشاعر الأثيل وتذكار أزلي لعلاقته بالحبيبة والطبيعة ولوحة الغلاف تعانق هذا البعد المكاني بما يتواشج في فضائها من مكونات بصرية كما أن العلاقة بين الشاعر والقصيدة العمودية التي ترجم من خلالها أحاسيسه ومشاعره الجياشة تجاه المعشوقة / الأنثى ، والطبيعة واللغة ، تعلو إلى مراقي العشق الخلاق المنسوج بحرير الحياكة الرؤيوية المغايرة والحلم المستشرف والممتد بين الإنتشاء والإفتتان، كل هذا جعلنا ندرك قدرة الشاعر على خلق روح الإنفعال العاطفي المتمثل في مناخ من الشعر الوجداني وهو بهذا صنع له عالما خاصا به حين استمر بتداخله العاطفي في طرح عشقه إلى معشوقته حيث طيفهالا يفارق مخيلته إذ هي دائمة الحضورفي رواحه وغداته وفي اختياره للعنوان '' قوافل الثلج '' الثلج/ الماء ، لأنه يمثل عنصر الحياة على سطح الكون,. . وبكل ما تحمله هذه التسمية ،. ماهي إلا تعبير يقوي هذه الرابطة ،وهي دلالة على الوحدة العضوية بين عشقه للأنثى وبين قوافل(كثرة) الثلج النقي الأبيض اللون الذي يدلّ على الطهارة والصفاء.
"قال لي و مضى" للقاص عبد الحميد الغرباوي :دراسة بنيوية تكوينيةـ محمد يوب
"قال لي و مضى " مجموعة قصصية للأديب المغربي عبد الحميد الغرباوي ، التي صدرها ببليوغرافية ، رصد فيها مجموع قصصه حسب الحروف الأبجدية .
و نحن من خلال هذه الدراسة نريد تسليط الضوء على المستويين المشكلين لبنيات هذه المجموعة القصصية ، أي أننا سنتعامل مع هذه المجموعة كدراسة نقدية ، من خلال البنية الداخلية و البنية الخارجية .
وعندما نفصل الداخل عن الخارج ، ليس الهدف من ذلك الفصل النهائي بين بنية الشكل وبنية المضمون ، وإنما يكون الفصل بينهما من أجل تسهيل عملية الدراسة النقدية ، لتبسيط تناول المجموعة وتيسيرها أمام القارئ .
لأن الأديب أثناء عملية الإبداع لا يفصل بين ما هو داخلي و ما هو خارجي، فالداخل هو قالب يستوعب الخارج في علاقة جدلية تجمع بين الدال و المدلول ، فالداخل لابد له من خارج ، و الخارج لابد له من داخل .
1-على مستوى البنية الفنية الداخلية:
إن أي دراسة نقدية لعمل من الأعمال الأدبية لا تتم إلا بدراسة المكونات الداخلية لهذه الأعمال ، من أجل معرفة البنية الخارجية.
في "كائنات من غبار" :بن الشاوي يعرّي رغبات المنسيين في عالمناـ إبراهيم الحجري*
من القصصي إلى الروائي :
كان النفس القصصي لدى هشام بن الشاوي من خلال ما قرأت له من قصص المجموعتين الأوليتين، ومن خلال ما قرأت له من قصص منشورة في مواقع ومنتديات على الشبكة العنكبوتية يشي بوجود بوادر تجربة روائية جنينية، يتضح ذلك من خلال الجمل الطويلة المفتوحة على آفاق الحكي، والتي يمكن للكاتب فيما بعد تطويعها عبر آلية التضمين وتمطيطها لتستوعب شكلا حكائيا أكبر، الشيء الذي يدل على أن هذه القصص مع سبق الإصرار والترصد هي مشاريع لروايات مؤجلة، ويزيد من ترشحها لهذا الوضع التجنيسي كثرة الأحداث القصصية، وتناميها بوتيرة غير معهودة في النص القصصي، فضلا عن الحيوية الزائدة للشخصية والفضاء القصصيين. كل هذه العمليات التي تبدو صعبة المنال بمكنة الكاتب نفسه أن يصوغها في قالب روائي ضاج بالعوالم والرؤى من خلال ما يمتلكه من قدرة على الحكي السلس والوصف الدقيق للأفضية والشخوص، والملاحظة الدقيقة التي تؤهل الكاتب لاستثمار أي معطى واقعي في بناء عالمه الروائي، دون أن أنسى أن الظروف الخاصة للكاتب وطريقته الخاصة في التعامل مع الحياة تضمنان له مادة دسمة للحكي نظرا لقربة من شرائح كبرى في القاع والهامش المنسيين في واقعنا، ومعاشرته الدقيقة لمخلوقات هذا الفضاء بحميمية الشعراء. كل هذه المعطيات التي تبدو جلية في المنجز القصصي لهشام بن الشاوي تجعلنا نعتبر التجربة القصصية لديه مجرد تمرينات سردية تهيؤا لاقتحام عالم أرحب وأشد فساحة هو جنس الرواية، وقد سهل هذا التمهيد التجريبي اليقظ على الكاتب العبور الصعب من الميكروسرد إلى الماكروسرد.
التشكيلي السوري ( رياض الشعار ) والغور في عالم اللون المغامر ـ محسن الذهبي
هارمونية بصرية تبحث عن حلم
تذكرني لوحات الفنان التشكيلي السوري ( رياض الشعار ) بدعوة الفنان (بول كلي) بأن ننصت الى اللوحة باستماع عن طريق النظر حين اراد ان يستثير صديقة الموسيقار طالبا منه مرة ان يشرح ما تمثله قطعة موسيقية قد انتهى من عزفها لتوه ، فأجابه الموسيقار مبتسما بعزفها مرة اخرى ... هذا التسأول راودني وانا اتمعن في لوحات الفنان في محاوله للدخول الى عالمه فما كان مني الا ان اعيد تاملها مرة تلو اخرى . فما الفنان الا شاهدا على معاناة عصره يتأرجح بين توثيق الهم اليومي وبين المطلق الجمالي مشدودا الى الشكل واللون الذي يحاصر جوهر العملية الابداعية في الخلق التشكيلي ومحاولة ابراز الكمون البصري والروحي من خلال سطح اللوحة فتحل البصيرة محل البصر لفك اسراراللغة التشكيلية عنده .
فلوحاته تنحو منحى تشخيصي يرتقي بواقعيته التعبيرية الى استشراق عوالم ماهو شخصي واجتماعي ليرتفع بها بانفاذها من الذات الانوية الى الذات الجمعية ، في تجربة لا تبتعد ان تكون اقتراحات صوفية احيانا تنبع من سلطة تلك الاملاءات الغامضة والالهمية التي تتمازج بموسيقية الالوان وشاعريتها فالصبوة الروحية اعطت للوعي التشكيلي مساحة واسعة من امكانية التوليف التصالحي غير المتصادم بين اختزانات الذات وطرح الواقع ، مما اعطاه القدرة على توسيع عالم التخيل واللعب على صراحة بالالوان وتداخلها بتدرجات ذات نكهة موسيقية وحوار داخلي متفرد بين الحدة والبرود لخلق هارمونية بصرية تلملم طاقة اللون المتفجر، فما اللوحة كما يقول( بول جوجان ) في رسالة الى صديقة الرسام (سوريزيية ) سوى سطح مسطح يحمل خطوطا والوانا تفيض وفق نظام معين تربطه علاقة ابداعية .